الظاهر، لأن الحسنةَ بعدها، فما تأتيهم إلا وهم قد هلكوا.
ويحتمل أن يهلكوا من غير استئصال، والمراد بالْمَثلاَت القرون، لأنه وقع بها من العذاب ما صيَّرها يُضْرب بها الْمَثَل.
(وإنَّ ربَّكَ لذو مَغْفِرةٍ للناس على ظلْمهم) :
قال ابن عبد السلام: هذه الآية نزلت على ترجيح جانبِ الخوف على جانب الرجاء، لقوله: (ذو مغفرة)، وهو للتقليل، وإنما أخذه من كون المغفرة مصدراً محدوداً بالتاء الدالة على الواحدة، على العقاب، مصدر مبهم يقع على القليل والكثير، فلو قال: إن ربك لغفار للناس لأَفاد المبالغة.
قال ابن عطية: والظاهر في معنى المغفرة هنا إنما هو سَتْره وإمهاله للكفرة.
أَلاَ ترى التيسير في لفظ المغفرة، وأنها منكرة مقللة، وليس فيها مبالغة، كما في قوله تعالى: (وإني لغَفَّار لمَنْ تاب).
وذكر الزمخشري في سورة غافر في قوله تعالى: (إنّ اللَهَ لذو فَضْلٍ على الناس)، أن إدخال (ذو) يدل على عِظَم فَضْله وكثرته، ونحوه لابن عطية في سورة الروم في قوله: (فآتِ ذَا القرْبى حَقَّه)، ونحوه للقاضي عياض في الإكمال في حديث سعد بن أبي وقَّاص في الوصية حيث قال: قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وإني ذو مال، ولا يرثني إلا ابنةٌ لي.
(وكلّ شيء عنده بمقدار) :
انظر هل المراد به القدرة وهي الإبراز من العدم إلى الوجود، أو الإرادة وهي التخصيص، أو العلم وهو الكشف والاطلاع.
والظاهر أنَّ المراد به الإرادة وأن كل شيء عنده مقدَّر مراد، لأنه
أَتى به عُقَيب قوله: (وما تَغِيضُ الأَرْحامُ وما تَزْدَادُ)، فثمَّ حمل
ناقص، وحمل زائد، وحمل معتدل، فقال: كلّ ذلك مقدَّر مرَاد له، لأن
تخصيص الناقص بالنقص، والزائد بالزيادة، إنما هو راجع للإرادة، والظاهر أنه من العمومات الغير مخصصة، كقوله تعالى: (واللَه بكلِّ شيء عليم).
(وإذا أَراد الله بقَؤمٍ سوءًا فلا مَرَدَّ له) :
هذا احتراس،


الصفحة التالية
Icon