(فتقَبَّلَها رَتها بقَبُول حَسَن) : الضمير يعود على مريم.
وفيه وجهان:
أحدهما - أن يكون مصدرا على غير الضمير.
والآخر - أن يكون اسماً لا يقبّل به، كالسَّعوط اسم لما يستَعط به، يعني أن
اللَه رضِيها للمسجد مكان الذَّكَر، لأنها قالت: (إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا)، يعني لخدمته.
(فأنْفُخ فيه فيكون طائراً بإذْن الله)، وقرئ (طيْراً) بياء ساكنة على الجمع.
قيل: هو الَخفّاش، لأنه أكمل الطير خَلْقاً، ولها أسنان وثَدي، وهي تَحيض.
قال وهب: كان يطير ما داموا ينظرون إليه، فإذا غاب عن أعينهم سقط
ليعلم أن الكمال للهِ تعالى، وأنَّ فِعْلَ الخالق مخالفٌ لفعل المخلوق.
وذكر: (بإذن الله)، ليرفَعَ وَهْمَ من توهَّم في عيسى الربوبية.
وأراد على قراءة نافع بالألف النوع.
فإن قلت: ما وَجْهُ تذكير الضمير هنا وتأنيثه في المائدة في قوله: (فتنفخ
فيها)، وهل يجوز أن يكون كلّ واحد منهما مكان الآخر؟
والجواب أنه أنّث الضمير في المائدة، لأنه يعود على الهيئة، وذَكَره هنا، لأنه
يعود على الطير، أو على الكاف من (كهيئة)، وإنما خصّه بالتذكير هنا، لأنه إخبار قبل الفعل، وفي المائدة خطاب الله له في القيامة.
قال الزمخشري: في الأولى الضمير للكاف، أي في ذلك الشيء المماثل لهيئة الطير، فيكون طيرا، أي فيصير طيرا كسائر الطيور.
وقال في قوله: (فتنفخ فيها) الضمير للكاف، لأنها صفة الهيئة
التي يخلقها عيسى، وينفخ فيها، ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها، لأنها ليست من خلقه ولا نفْخِه في شيء.
قال: وكذلك الضمير في تكون... انتهى كلامه.
وهو في غاية الوضوح.
(فَوْرهم) :
الضمير للملائكة، أي من ساعتهم.
وقيل المعنى من شَرِّهم (١).
والمعنى أنَّ الله أمدَّ المسلمين بهذا العدد، ليزيدهم قوة.