(يَلْعَنهم اللاعِنون) :
قد قدمنا أنهم جميع مَنْ تقَع منه اللعنة، وإذا تلاعَن اثنان، وكان أحدهما غير مستحق للعن رجعت اللعنة على المستحق لها، فإن لم يستحقها أحد منهما رجعت على اليهود.
(ينْعِق).
أي يصيح بالغنم فلا تدري ما يقول لها إلا أنها تنْزَجر بالصوت، وشبَّه الله الكفار بالبهائم في قلّة فَهْمِهم وعدم استجابتهم لمن يَدْعوهم، أو يكون تشبيهاً للكفار في دعائهم وعبادتهم لأصنامهم بمن ينْعِق بما لا يسمع، لأن الأصنام لا تسمع شيئاً، وفيه تفصيلٌ قدمنا ذكره.
(يطهُرْن) :
من الدم، ويتطهرن بالماء، وقرئ حتى يطهرن بالتشديد، وهو حجة لمالك.
(يتَسنَّهْ).
ومعناه يتغير، واللفظ يحتمل أن يكون مشتقاً من السنة، لأن لامها هاء فتكون الهاء في "تسنَّه" أصلية، أي لم تغيره السنون.
ويحتمل أن يكون مشتقا من قولك: تسنّنَ الشيء إذا فسد، ومنه الْحَمَأ
المسنون، ثم قُلبت النون حَرْفَ علة، كقولهم: قَصّيت أظفاري، ثم حذفَ حَرْفُ العلة للجزم، والهاء على هذا هاء السكت.
وقيل إن طعامَه كان تيناً وعِنبا، وإن شرابه كان عصيراً ولبناً، فأراه اللهُ
أعجوبة في بقائه هذه المدة الطويلة على حالته.
(يَؤُودُه) :
يثقله، من قولهم: ما آدَكَ فهو بمُوئد، أي ما أثقلك فهو لي مُثقل.
(يمحق الله الرِّبا).
أي يذهبه في الدنيا بضياعه، وفي الآخرة بالعقوبة.
وقد قدمنا أنَّ عقوبتَه في الآخرة بقيامه من القَبْر كالمجنون
يعرفُه أهْلُ الحشر بتلك العلامة، وأيُّ عقوبة أكبر من هذا.
وحكى القاضي عياض في مَدَاركه: أنَّ ترك رُبع دانق ممّا حرم الله أفضلُ من سبعين ألْف حجة، وأفضل من سبعين ألف غزوة، وسبعين ألف بدنة مقلَّدة أُهديت إلى بَيْتِ اللهِ