هل يكون هذا النفل الذي يعطيه الإمام من الخمس، وهو قول مالك، أو من
الأربعة أخماس، أو من رأس الغنيمة قَبْل إخراج الخمس.
(يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءَ وقَلْبِه) :
قيل يُميته.
وقيل يصرفُ قَلْبَه حيث شاء، فينقلب من الإيمان إلى الكفر، وشبه ذلك، ولذلك كان المعصوم - ﷺ - يقول في كل صباح ومساء: اللهم يا مُقَلِّبَ القلوب ثَبِّتْ قلبي على دينك.
ولهذا كان - ﷺ - يتقلَّب ويدعو لأمته ويسأله ثَباتهم.
وفي الحديث: القلبُ بين أصبعين من أصابع الرحمن يقَلّبه كيف يشاء، يعني أصابع القدرة والإرادة لا أصابع الجارحة.
وقيل لبعضهم: بِمَ عرفْتَ ربَّك، قال: بنقض العزائِم، عزمت
فنقض عَزْمي، وهممت فنقض همي، فعلمت أنَّ لي ربًّا يدَبِّر أمري.
(يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) :
نور الله هداه الصادر عن القرآن والشرع المنبث في قلوب
الناس، فمن حيث سمَّاه نُوراً سمّى محاولة إفساده والصدّ في وجهه إطفاء.
وقالت فرقة: النور القرآن.
وقوله: (بِأَفْوَاهِهِمْ) عبارة عن قلّةِ حيلتهم وضَعْفها، أخبر عنهم أنهم يحاولون مقاومةَ أمر جسيم بعمل ضعيف، فكان الإطفاء بنفخ الأفواه.
ويحتمل أن يراد بأقوال لا برهان عليها، فهي لا تتجاوز الأفواه إلى فَهْم
سامع.
وقوله: (ويأبى) إيجاب يقَعُ بعده أحياناً (إلاَّ)، وذلك لوقوعه هو
موقع الفعل المنفي، لأن التقدير ولا يريد الله إلا أنْ يُتِمَّ نورَه.
وقال الفراء: هو إيجاب فيه ضرب من النفي.
وردَّ الزجاج على هذه العبارة، وبيانُه ما قلناه.
فإن قلت: ما حكمةُ زيادة آية براءة على آية الصفِّ، واختلاف العبارتين؟
والجواب: ناسب زيادة براءة ما ورد من الطول المحكي فيها من قَوْل
الطائفتين من اليهود والنصارى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ).
وأما آيةُ الصف فمقابل بها قول عيسى عليه السلام: (يا بني إسرائيل إنِّي رسولُ الله إليكم مُصَدِّقاً)، ثم قال تعالى: (فلما جاءهم بالبيِّناتِ قالوا هذا سِحْرٌ مبين)، وليس هذا


الصفحة التالية
Icon