الأوّلون والآخرون، ويجمعون الحسنات والثواب والعقاب، وإنما عَبَّر باسْمِ
المفعول دون الفعل ليدلَّ على ثبوت الجمع ذلك اليوم، لأن لفْظ مجموع من لفظ يجمع.
(يوم يأت) :
العامل في الظرف (لا تَكلَّم) أو مضمر، وفاعل (يَأتِ) ضمير يعود على يوم (مشهود).
وقال الزمخشري: يعود على الله تعالى كقوله: (أو يأتي رَبُّك).
ويعضده عَوْد الضمير عليه في قوله، (بإذنه).
(يا أبَتِ)، أي يا أبي، والتاء للمبالغة، وقيل للتأنيث.
وكُسرت دلالة على ياء المتكلم، والتاء عوض من ياء المتكلم.
ودَعَا يوسف أباه باسم الأبوة ولم يدْعه باسمه، لأن مَنْ دعا أباه باسمه غلط، فكيف بمن جفاه.
وقد أمرك الله أنْ تعاملَ أباك بمعاملتك مع الرسول، قال تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا).
وقال: (لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ)، وهو كان أباك في
الدين، وكذلك علمك مع أبي النسب، كما علمك العاملة مع أبي الدين.
ويوسف قال: يا أبت - اقتدى فيه بجده إبراهيم، لأنه دعا أباه الكافر باسم الأبوة، والله تعالى أعطاك أبوين مؤمنين، أنت أولى بتحليتهما، فإن الله تعالى أعطى خليله وحبيبه أبوين كافرين، وكان يتحلاَّهما وأنْتَ يا عَبْدَ الله تلحق بأبويك وتدخل معهما الفردوس الأعلى، قال تعالى: (وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ).
(يَخْل لكم وَجْه أبيكم) :
إخوة يوسف طلبوا ألاَّ يشاركهم أحد في محبته لهم وإقباله عليهم، فلما رأوه مال إلى يوسف دونهم وصلتهم الغيرة، والحبيب يغير على حبيبه، وأنْتَ يا عبد الله إن طلبت الخَلْوَة مع غير مولاك تضيق عليك المسالك، لأنه سبحانه غيور لا يطلع على عبده، فيجد فيه غيرة.
قال تعالى: إن طلبتني أخدمتك المكونات، وإن طلبت غيري أعوزتها عليك، ولا يكون لكَ إلا ما أريد.