(يَسْتَسْخِرُون) :
معناه يسخرون، فيكون فعل واستفعل بمعنى واحد.
وقيل معناه يستدعي بعضُهم بعضاً لأنْ يسخر.
وقيل: يبالغون في السّخْرِية.
(يَقْطين) :
كل شجر لا يقوم على ساق كالقرع والبطيخ ونحوهما.
والمعنى أنَّ الله أنبتَ على يونس لما خرج من بَطْن الحوت القرع
يظله من حَرّ الشمس.
وقد كان رق جلْدُه، وكانت الذباب تؤذيه.
والسرُّ فيه أن ورقَه كبير، ومسّه فيه لين، والذباب لا يقربه، ولذلك قال النقاش: إن من رش بمائه البيت لم يقربه الذباب.
فهذه شجرةٌ منَعَتْ يونس من الإذاية، أفلا تمنَعُ يا محمدي شجرةُ الإيمان من
إذاية الشيطان، وينجيك بركتها من الدخول في النيران، وفي الخبر: لما صَحَّ
يونس، ورجع إلى قومه، وجد الشجرة قد جفّتْ فاغْتَمّ لذلك، فأوحى الله
إليه: اغتممْت على شجرة يبست ولم تغْتَمَّ على هلاك مائة ألف أو يزيدون! (١).
فلذلك أمر الله نبيّه بالصبر على أمته، والدعاء لهم، فقال: اللهم اغفر لهم فإنهم لا يعلمون.
هؤلاء دعا لهم، واعتذر عنهم، وقد عصوه، وكسروا رباعيته، وشَجُّوا
وجهه، كيف لا يغتم للمصلّي عليه وذاكره وكل ساعة بالسلام عليه.
وقد أمره الله بألاَّ يكون كصاحب الحوت في الفرار من قومه، يعني تفارق
أمتك حين ينزل العذاب عليهم، فقال: رب عامِلْهم بخلاف ما تعامل به الأمم، فأنزل الله تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)، بالْخَسف والمسخ، والريح والصواعق، فقال: اللهم إني أعوذ بوجهك من ذلك، فرفع الله عنهم العذابَ وهم كفار ومنافقون، أفَلا يرفَعه عنك يا محمديّ وأنتَ مؤمن به ومصدِّق له! اللهم بحرمته لدَيْكَ لا تحرمنا رؤيته في الدنيا والآخرة.
(يَزِفونَ)، أي يسرعون.
وقرئ بضم الياء ونصب الزاي، أي يصيرون إلى الزفيف.