مالي أرى عَبْدي معرضاً عني أعطيه بجودٍ فلم يسألني، ثم انتزعْتُه منه فلم يسألني ردّه!
أفتراني أبتدئ بالعطية قبل المسألة، ثم أسأل فلا أجيب!
يا سائلآ غيري، أبخيل أنا فيبخِّلني عَبدي! أليست الدنيا والآخرة لي، أليس الكرم والجود لي، أليس الرحمة والفضل لي، أنا محلّ الآمال، من يعْطيها دوني، وما عسى أن يؤمل المؤملون لو جمعتُ أهْلَ سائي وأرضي، ثم أعطيتُ كلً واحد منهم ما أمل الجميع ما نقص مِنْ ملكي، وكيف ينقص ملك أنا فيه! فيا بُؤْسَ للقانطين مِن رحمتي، ويا بؤس لمَنْ عصاني، وتوثَّب على محارمي، ولم يسْتَحِ مني!
اللهم إني لم أسْتح منك، وبارزتُ بالعظائم، لكن رجائي فيك قويٌّ، وتوسلتُ إليك بجاهِ النبي الأميّ صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ) :
العفو مع التوبة على حسب ما ذكرنا.
وأما العفو دون تَوْبة فهو على أربعة أقسام:
الأول: العَفْو عن الكفر، فلا يكون أصلاً، وعن مظالم العباد فلا يكون إلا لبعض خواص عباده، وعن الصغائِر إذا اجتنبت الكبائر، فهو حاصل بحسب وَعْده الصادق.
وعن الكبائرِ فأهل السنَّة أنه في المشيئة، وأهل البدعة على عدم غفْرانها، وقد أخطأوا لنَصِّ الآية والحديث.
(يَسْتَجِيبُ الذين آمَنوا) :
قيل يجيب.
و (الذين آمنوا) مفعول، والفاعل ضمير يعود على الله، أي يجيبهم فيما يطلبون منه.
وقال الزمخشري: أصله يستجيب للذين آمنوا، فحذفت اللام.
وقيل إن معناه يجيب.
والذين آمنوا فاعل، أي يستجيب المؤمنون لربهم باتِّباع دينه.
وقيل إن معناه يطلب المؤمنون الإجابةَ من ربهم، واستفعل على هذا
على بابه من الطلب.
والأول أرجح، لدلالة قوله: (ويَزِيدهم من فَضْلِه)، أي يزيدهم ما لم يطلبوا زيادة على الاستجابة فيما طلبوا، وهذه الزيادة صَحّ عنه - ﷺ - أنها الشفاعةُ والرضوان.