وقال محمود بن حمزة في كتاب العجائب: ذهب بعض النحويين إلى أنه لا
يجوز الحَمْل على اللفظ بعد الحَمْل على المعنى، وقد جاء في القرآن بخلاف ذلك، وهو قوله: (خالدِين فيها أبَداً قد أحسنَ الله له رِزْقاً).
وقال ابن خالويه في كتاب " ليس "، القاعدة في (من) ونحوه الرجوع من
اللفظ إلى المعنى، ومن الواحد إلى الجمع، ومن المذكر إلى المؤنث، نحو: (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا)، و (منْ أسْلَم وجْهَه للهِ وهو محسن)، إلى قوله: (ولا خَوْف عليهم ولا هم يحزنون)، أجمع على هذا النحويون.
قال: وليس في كلام العرب ولا في شيء من العربية الرجوع من المعنى إلى
إلى اللفظ، إلا في حرف واحد استخرجه ابْن مجاهد، وهو قوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا)، وَحَّد في (يؤمن) و (يعمل) و (يدخله)، وجمع في قوله: (خالدين)، ثم وَحَّدَ في قوله: (أحسن الله له رِزْقاً)، فرجع بعد الجمع إلى التوحيد.
قاعدة التذكير والتأنيث
التأنيث ضربان: حقيقي وغيره، فالحقيقيُّ لا تُحذَفُ تاء التأنيث من فعله
غالباً إلا إنْ وقع فَصْلٌ، وكلما كثر الفصل حسنَ الحذف، والإثبات مع الحقيقي أولى، ما لم يكن جمعاً.
وأما غَيْر الحقيقي فالحذفُ فيه مع الفَصْل أحسن نحو: (فمنْ جاءَه موعِظة مِنْ ربِّه)، (قد كانَ لكم آية)، فإن كثر الفَصْل ازداد حسناً، نحو، (وأخذ الّذِين ظَلَموا الصّيحةُ)، والإثبات أيضاً حسن، نحو: (وأخذت الذين ظَلَموا
الصّيحةُ)، فجمع بينهما في سورة هود.


الصفحة التالية
Icon