القائلين بتحريم أكل متروك التسمية أخْذاً من قوله تعالى: (ولا تأكلوا مِمَّا لم
يذْكر اسْمُ الله عليه وإنه لفِسْق).
فقال: هي حجة للجواز لا للحرْمة، وذلك أن الواو ليست عاطفة لتخالُف الجملتين بالاسمية والفعلية، ولا للاسئناف، لأن أصلَ الواوِ أن تربط ما بعدها بما قبلها، فبقي أن تكونَ للحال، فتكون جملة الحال مقيدة للنهي.
والمعنى: لا تأكلوا منه في حال كونه فسقاً.
ومفهومه جواز الأكلِ إذا لم يكن فسقاً، والفسقُ قد فسَّره الله تعالى
بقوله: (أو فِسْقاً أهِلَّ لغير الله به).
فالمعنى لا تأكلوا منه إذا سمِّيَ عليه غَيْرُ الله.
ومفهومه: فكلوا منه إذا لم يسمّ عليه غَيْرُ الله تعالى.
قال ابن هشام: ولو أبطل العطف بتخالف الجملتين بالإِنشاء والخبر لكان صواباً.
مسألة
اختلف في جواز العطف على معمولي عاملين، فالمشهور عن سيبويه المنع، وبه قال المبرد وابن السراج وابن هشام.
وجوَّزَه الأخفش والكسائي والزجاج.
وخرج عليه قوله تعالى: (إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ (٣) وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
إلى قوله: (وتصرِيف الرياح آيات لقوم يَعْقِلون).
فيمن نصب آياتٍ الأخيرة.
مسألة
اختلف في جواز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار، فالجمهورُ
من البصريين على الْمَنْع، وبعضهم والكوفيون على الجواز، وخرج عليه قراءة حمزة: (واتقوا الله الذي تَساءلون به والأرْحامِ).
وقال أبو حيان في قوله: (وصَدّ عَنْ سبيل الله وكُفْر به والمسجِدِ الحرام) :
إن المسجد معطوف على ضمير به، وإن لم يُعَد الجار.
قال: والذي نختاره جواز ذلك، لوروده في كلام العرب كثيراً نظماً ونثراً، قال: ولسنا متعبّدين باتباع جمهور البصريين، بل نتبع الدليل.
واللَه الموفق.


الصفحة التالية
Icon