(فتاب عليكم) :
قبله محذوف لدلالة الكلام عليه، وهو فَحْوى الخطاب، أي فعلتم ما أمرتم به من القَتْل فتاب عليكم.
(فانفجرَتْ) :
قبله محذوف تقديره: فضربه فانفجرت، أي سالتْ.
ومنه انفجر، وكان هذا الاستسقاء في فحص التِّيه، وكان الحجر من
جبَل الطور، وهو المشهور، لأنه أبلغ في الإعجاز، ولهذا كانوا يجدونه في كل مَرْحلة.
ولا خلاف أنه كان حجراً مربّعا منفصلا له أربع جهات كانت تنبع من
كلّ جهة ثلاث عيون إذا ضربه موسى عليه السلام، وإذا استغنوا عن الماء
ورحلوا جفَّت العيون.
وقيل إن هذا الحجر هو الذي وضع موسى ثوبه عليه ففرَّ بثوبه، ومرَّ على
مَلأ من بني إسرائيل حين رموه بالأُدْرَة، فلما وقف أتاه جبريل عليه السلام.
فقال له: إن الله تعالى يقول لك: ارفع هذا الحجر، فإنَّ لي فيه قدرةً، ولك فيه معجزة، فرفعه ووضعه في مِخْلاته.
وكان موسى ضربه اثنتي عشرة ضربة، فيظهر بكل ضربة مثل ثَدْي المرأة فيعرفه فتنفجر الأنهار منه، ثم يسيل الماء.
فإن قلت: هل الانفجار والانبجاس بمعنى واحد، لأنه اختلف التعبير بهما؟
والجواب أنَّ الانبجاس أقل من الانفجار، لأن الانفجار انصباب الماء
بكثرة، والانبجاس ظهور الماء.
فالواقع هنا طلب موسى عليه السلام من ربه، قال تعالى: (وإذ استَسْقَى موسى لقَوْمِه).
فطلبهم ابتداء فقيل - إجابة لطلبه: فانفجرت، مناسبة لذلك.
وفي الأعراف طلب بنو إسرائيل من موسى عليه السلام السقي، قال تعالى: (وأوحينا إلى موسى إذ استَسْقَاه قَوْمه)، فقيل - جواباً لطلبهم: فانبجست، فناسب الابتداء الابتداء والغاية الغايةَ.
واعلم أنَّ اللَهَ تعالى وضع الدولة على ثلاثة أحجار، والقدرة في ثلاثة أحجار، والملك في ثلاثة أحجار، أما الدولة فوضعها في الكعبة، وجعلها موضعَ طواف المؤمنين.