[سورة البقرة (٢) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]
ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٧٤) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥)قَسَتْ أي صلبت وجفت، وهي عبارة عن خلوها من الإنابة والإذعان لآيات الله تعالى، وقال ابن عباس: المراد قلوب ورثة القتيل، لأنهم حين حيي قال: إنهم قتلوه وعاد إلى حال موته أنكروا قتله، وقالوا: كذب بعد ما رأوا هذه الآية العظمى، لكن نفذ حكم الله تعالى بقتلهم، قال عبيدة السلماني: ولم يرث قاتل من حينئذ.
قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: وبمثله جاء شرعنا، وحكى مالك رحمه الله في الموطأ، أن قصة أحيحة بن الجلاح في عمه هي التي كانت سببا أن لا يرث قاتل، ثم ثبت ذلك الإسلام، كما ثبت كثيرا من نوازل الجاهلية، وقال أبو العالية وقتادة وغيرهما: إنما أراد الله قلوب بني إسرائيل جميعا في معاصيهم وما ركبوه بعد ذلك.
وقوله تعالى: فَهِيَ كَالْحِجارَةِ الآية، الكاف في موضع رفع خبر ل «هي»، تقديره: فهي مثل الحجارة أَوْ أَشَدُّ مرتفع بالعطف على الكاف، أَوْ على خبر ابتداء بتقدير تكرار هي، وقَسْوَةً نصب على التمييز، والعرف في أَوْ أنها للشك، وذلك لا يصح في هذه الآية، واختلف في معنى أَوْ هنا، فقالت طائفة: هي بمعنى الواو، كما قال تعالى: آثِماً أَوْ كَفُوراً [الإنسان: ٢٤] أي وكفورا، وكما قال الشاعر [جرير] :[البسيط]
| نال الخلافة أو كانت له قدرا | كما أتى ربّه موسى على قدر |
| أحب محمّدا حبا شديدا | وعباسا وحمزة أو عليّا |