مفعلة من خموص البطن وهي ضموره، واستعير ذلك لحالة الجوع إذ الخموص ملازم له، ومن ذلك قول الأعشى: [الطويل]
تبيتون في المشتى ملاء بطونكم | وجاراتكم غرثى يبتن خمائصا |
قوله عز وجل:
[سورة التوبة (٩) : الآيات ١٢٢ الى ١٢٣]
وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ (١٢٢) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٢٣)
قالت فرقة: سبب هذه الآية أن المؤمنين الذين كانوا بالبادية سكانا ومبعوثين لتعليم الشرع لما سمعوا قول الله عز وجل: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ [الكهف: ٦٢] أهمهم ذلك فنفروا إلى المدينة إلى رسول الله ﷺ خشية أن يكونوا مذنبين في التخلف عن الغزو فنزلت هذه الآية في نفرهم ذلك، وقالت فرقة: سبب هذه الآية أن المنافقين لما نزلت الآيات في المتخلفين قالوا هلك أهل البوادي فنزلت هذه الآية مقيمة لعذر أهل البوادي.
قال القاضي أبو محمد: فيجيء قوله تعالى: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ [الكهف: ٦٢] عموم في اللفظ والمراد به في المعنى الجمهور والأكثر، وتجيء هذه الآية مبينة لذلك مطردة الألفاظ متصلة المعنى من قوله تعالى: ما كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ إلى قوله يَحْذَرُونَ بين في آخر الآية العموم الذي في أولها إذ هو معرض أن يتأول فيه ألا يتخلف بشر، و «التفقه» هو من النافرين، و «الإنذار» هو منهم، والضمير في رَجَعُوا لهم أيضا، وقالت فرقة هذه: الآية ليست في معنى الغزو وإنما سببها أن قبائل من العرب لما دعا رسول الله ﷺ على مضر بالسنين أصابتهم مجاعة وشدة، فنفروا إلى المدينة لمعنى المعاش فكادوا أن يفسدوها، وكان أكثرهم غير صحيح الإيمان وإنما أضرعه الجوع فنزلت الآية في ذلك، فقال وما كان من صفته الإيمان لينفر مثل هذا النفر أي ليس هؤلاء المؤمنين، وقال ابن عباس ما معناه: إن