نصب على المصدر، وقالت فرقة: قُرْآناً توطئة للحال. و: عَرَبِيًّا حال. وقالت فرقة: قُرْآناً نصب على المدح وهو قول ضعيف.
وقوله تعالى: لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قالت فرقة: معناه يعلمون الأشياء ويعقلون الدلائل وينظرون على طريق نظر، فكأن القرآن فصلت آياته لهؤلاء، إذ هم أهل الانتفاع بها، فخصوا بالذكر تشريفا، ومن لم ينتفع بالتفصيل فكأنه لم يفصل له. وقالت فرقة: يَعْلَمُونَ متعلق في المعنى بقوله: عَرَبِيًّا أي جعلناه بكلام العرب لقوم يعلمون ألفاظه ويتحققون أنها لم يخرج شيء منها عن كلام العرب، وكأن الآية رادة على من زعم أن في كتاب الله ما ليس في كلام العرب، فالعلم على هذا التأويل أخص من العلم على التأويل الأول، والأول أشرف معنى، وبين أنه ليس في القرآن إلا ما هو من كلام العرب إما من أصل لغتها وإما عربته من لغة غيرها ثم ذكر في القرآن وهو معرب مستعمل.
وقوله: بَشِيراً وَنَذِيراً نعت للقرآن، أي يبشر من آمن بالجنة، وينذر من كفر بالنار. والضمير في:
أَكْثَرُهُمْ عائد على القوم المذكورين.
وقوله: فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ نفي لسمعهم النافع الذي يعتد به سمعا، ثم حكى عنهم مقالتهم التي باعدوا فيها كل المباعدة وأرادوا أن يؤيسوهم من قبولهم دينهم وهي قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ جمع كنان وهو باب فعال وأفعلة. والكنان: ما يجمع الشيء ويضمه ويحول بينه وبين غيره، ومنه: الكن ومنه: كنانة النبل، وبها فسر مجاهد هذه الآية. و «من» في قوله: مِمَّا لابتداء الغاية وكذلك هي في قوله: وَمِنْ بَيْنِنا مؤكدة ولابتداء الغاية. والوقر: الثقل في الأذن الذي يمنع السمع.
وقرأ ابن مصرف: «وقر» بكسر الواو.
والحجاب: الذي أشاروا إليه: هو مخالفته إياهم ودعوته إلى الله دون أصنامهم، أي هذا أمر يحجبنا عنك، وهذه مقالة تحتمل أن تكون معها قرينة الجد في المحاورة وتتضمن المباعدة، ويحتمل أن تكون معها قرينة الهزل والاستخفاف، وكذلك قوله: فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ يحتمل أن يكون القول تهديدا، ويحتمل أن يكون متاركة محضة.
وقرأ الجمهور: «قل إنما» على الأمر لمحمد صلى الله عليه وسلم. وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش:
«قل إنما» على المضي والخبر عنه، وهذا هو الصدع بالتوحيد والرسالة.
وقوله: قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ قال الحسن: علمه الله تعالى التواضع، و «إن» في قوله: إِنَّما رفع على المفعول الذي لم يسم فاعله.
وقوله: فَاسْتَقِيمُوا أي على محجة الهدى وطريق الشرع والتوحيد، وهذا المعنى مضمن قوله:
إِلَيْهِ. والويل: الحزن والثبور، وفسره الطبري وغيره في هذه الآية بقبح أهل النار وما يسيل منهم.
وقوله تعالى: الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ قال الحسن وقتادة وغيره: هي زكاة المال. وروي: الزكاة قنطرة الإسلام، من قطعها نجا، ومن جانبها هلك. واحتج لهذا التأويل بقول أبي بكر في الزكاة وقت


الصفحة التالية
Icon