الخبر. وأما قوله «وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً» «١» فقد يجوز أن يكون رفعا على نية الجزم لأن الراء الأولى مرفوعة فِي الاصل، فجاز رفع الثانية عليها، ولم يجز (لا تضارّ) بالرفع لأن الراء إن كانت تفاعل فهي مفتوحة، وإن كانت تفاعل فهى مكسورة. فليس يأتيها الرفع إلا أن تكون فِي معنى رفع. وقد قرأ عُمَر بْن الخطاب «ولا يضارر كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ».
ومعنى لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها يقول: لا ينزعن ولدها منها وهي صحيحة لها لبن فيدفع إلى غيرها. «وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ» يعني الزوج. يقول: إذا أرضعت صبيها وألفها وعرفها فلا تضارن «٢» الزوج فِي دفع ولده إليه.
وقوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ (٢٣٤) يقال: كيف صار الخبر عن النساء ولا خبر للأزواج، وكان ينبغي أن يكون الخبر عن الَّذِينَ؟ فذلك جائز إذا ذكرت أسماء ثُمَّ ذكرت أسماء مضافة إليها فيها معنى الخبر أن تترك الأول ويكون الخبر عن المضاف إليه. فهذا من ذلك لأن المعنى- والله أعلم- إنما أريد به: ومن مات عَنْهَا زوجها تربصت. فترك الأول بلا خبر، وقصد الثاني لأن فِيهِ الخبر والمعنى. قَالَ: وأنشدني بعضهم:

بني أسد إن ابن قيس وقتله بغير دم دار المذلة حلت «٣»
فألقى (ابن قيس) وأخبر عن قتله أنه ذل. ومثله:
لعلى إن مالت بي الريح ميلة على ابن أبى ذبّان أن يتندّما «٤»
(١) آية ١٢٠ سورة آل عمران.
(٢) فى ش: «تضارون» وهو تحريف.
(٣) فى ج: «خلت» بدل «حلت». وكأنه يريد: إن قتله دار المذلة حلت له، فجملة «حلت» خبر «دار المذلة» والرابط محذوف.
(٤) أبو ذبان كنية عبد الملك بن مروان، كنى بذلك لبخر كان به من أثر فساد كان فى فمه. ويعنى الشاعر بابنه هشام بن عبد الملك. وانظر اللسان (ذنب)، والحيوان ٣/ ٣٨١.


الصفحة التالية
Icon