رَسُولَ اللَّهِ» «١» وإذا نصبت أردت: ولكن كان رسول اللَّه، وإذا رفعت أخبرت، فكفاك الخبر مما قبله. وقوله: «وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ» «٢» رفع وهُوَ أوجه من النصب، لأنه لو نصب لكان على: ولكن احسبهم أحياء فطرح الشكّ من هذا الموضع أجود. ولو كان نصبا كان صوابا كما تقول:
لا تظننه كاذبا، بل أظننه صادقا. وقال الله تبارك وتعالى: «أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ» «٣» إن شئت جعلت نصب قادرين من هذا التأويل، كأنه فِي مثله من الكلام قول القائل: أتحسب أن لن أزورك؟ بل سريعا إن شاء اللَّه، كأنه قال: بلى فاحسبني زائرك. وإن كان الفعل قد وقع على (أَنْ لَنْ نجمع) فإنه فِي التأويل واقع على الاسماء. وأنشدني بعض «٤» بني فقعس:
أجدك لن ترى بثعيلبات | ولا بيدان ناجيةً ذمولا |
ولا متداركٍ والشمس طفل | ببعض نواشغ الوادي حمولا |
وقد يقول بعض النحويين: إنا نصبنا (قَادِرِينَ) على أنها صرفت «٥» عن نقدر، وليس ذلك بشيء، ولكنه قد يكون فِيهِ وجه آخر سوى ما فسرت لك: يكون خارجا «٦» من (نجمع) كأنه فِي الكلام قول القائل: أتحسب أن لن أضربك؟ بلى قادرا على قتلك، كأنه قال: بلى أضربك قادرًا على أكثر من ضربك.
(٢) آية ١٦٩ سورة آل عمران.
(٣) آية ٤ سورة القيامة.
(٤) الشعر للمرّار بن سعيد. وثعيلبات وبيدان موضعان. والناجية: الناقة السريعة. ونواشغ الوادي أعاليه. والحمول الهوادج، والإبل عليها الهوادج. وانظر الخصائص ١/ ٣٨٨ طبعة الدار.
(٥) يريد أن الأصل: بلى نقدر، ثم حوّل (نقدر) إلى (قادرين) وقوله: «وليس ذلك بشىء» لأنه لا وجه لنصب قادرين على هذا الوجه.
(٦) يريد أنه حال من فاعل (نجمع) المقدرة بعد (بلى).