«ادَّكروا» «١». وفي موضع آخر: «٢» :«وَتَذَكروا ما فيه». ومثله في الكلام أن تقول: اذكُرْ مَكاني مِنْ أبيك».
وأما نصب الياء من «نِعْمَتِيَ» فإن كل ياء كانت من المتكلم ففيها لغتان:
الإرسالُ والسكون، والفتح، فإذا لَقيتها ألفٌ ولام، اختارت العربُ اللغة التي حركت فيها الياء وكرِهوا الأخرى لأن اللام ساكنة فتسقط الياء عندها لسكونها، فاستقبحوا أن يقولوا: نعمتي «٣» الّتي، فتكون كأنها مخفوضة على غير إضافة، فأخذوا بأوثق الوجهين وأبينهما. وقد يجوز إسكانها عند الألف واللام وقد قال اللَّه:
«يَا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ» «٤» فقرئت بإرسال الياء ونصبها، وكذلك ما كان فِي القرآن مما فِيهِ ياء ثابتة ففيه الوجهان، وما لم تكن فيه الياء لم تنصب.
وأمَّا قوله: «فَبَشِّرْ عِبادِ. الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ» «٥». فإن هذه بغير ياء، فلا تنصب ياؤها وهي محذوفة وعلى هذا يقاس كل ما فِي القرآن منه. وقوله: «فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتاكُمْ» «٦» زعم الكسائي أن العرب تستحب نصب الياء عند كل ألف مهموزة سوى الألف واللام، مثل قوله: «إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ» «٧» و «إِنِّي أَخافُ اللَّهَ» «٨». ولم أر ذلك عند العرب رايتهم يرسلون الياء فيقولون: عندي أبوك، ولا يقولون: عندي أَبُوك بتحريك الياء إلا أن يتركوا الهمز فيجعلوا الفتحة فِي الياء فِي هذا ومثله. وأما قولهم: لِيَ ألفان، وَبِي أخواك كفيلان،

(١) ذكر هذه القراءة البيضاوي ولم ينسبها. ونسبها ابن خالويه إلى يحيى بن وثاب.
(٢) «فى موضع آخر» : ساقط من ج، ش، وهو يشير إلى قراءة ابن مسعود فى آية ٦٣ سورة البقرة: «واذكروا ما فيه لعلكم تتقون».
(٣) رسم فى أ: «نعمت» تحقيقا لحذف الياء فى اللفظ.
(٤) آية ٥٣ سورة الزمر.
(٥) آية ١٧، ١٨ سورة الزمر.
(٦) آية ٣٦ سورة النمل.
(٧) آية ٧٢ سورة يونس.
(٨) آية ٤٨ سورة الأنفال، وآية ١٦ سورة الحشر. وفتح الياء قراءة نافع.


الصفحة التالية
Icon