كما تَقُولُ: وراءك وراءك. فهذه الحروف كثيرة. وزعم الْكِسَائي أَنَّهُ سمعَ:
بينكما البعير فحَذَاه. فأجازَ ذَلِكَ فِي كلّ الصفات التي قد تُفرد، ولم يُجِزه فِي اللام ولا فِي الباء ولا فِي الكاف. وسمع بعضُ العرب تَقُولُ «١» : كما أنت زيدًا، ومكانكَ زيدًا. قَالَ الفراء: وسمعتُ [بعض] «٢» بني سُلَيْم يقول فِي كلامه: كما أنتَنِي، ومكانَكَني، يريد انتظرني فِي مكانك.
ولا تقدّمن ما نصبته هَذِه الحروف قبلها لانّها أسماء، والاسم لا يَنصب شيئًا قبله تَقُولُ: ضربًا زيدًا، ولا تَقُولُ: زيدًا ضربًا. فإن قلته نصبت زيدًا بفعل مضمر قبله كذلك قال الشاعر:
يا أيها المائِح دلوي دونكا إن شئت نصبت (الدلو) بمضمر قبله، وإن شئت جعلتها رفعًا، تريد: هذه دلوى فدونكا.
لا يَضُرُّكُمْ رفع، ولو جزمت كَانَ صوابًا كما قَالَ فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تخف، ولا تَخافُ «٣» جائزان.
وقوله: شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ... (١٠٦)
يقول: شاهدان أو وصيّان، وقد اختلفَ فِيهِ. ورفع الاثنين بالشهادة، أي ليشهدكم اثنان من المسلمين.
(٢) زيادة يقتضيها السياق خلت منها نسختا ش، ج.
(٣) آية ٧٧ سورة طه.