«أَيُّهُمْ أَقْرَبُ» «١» أي ينظرون أيهم أقرب «٢». ومثله «يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ» «٣». وأما الوجه، الآخر فإن فِي قوله تعالى: «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ» لننزعن من الذين تشايعوا على هذا، ينظرون بالتشايع أيهم أشد وأخبث، وأيهم أشد على الرَّحْمَن عتيًّا، والشيعة «٤» ويتشايعون سواء فِي المعنى. وفيه «٥» وجه ثالث من الرفع أن تجعل «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ» بالنداء أي لننادين «أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا» وليس هذا الوجه يريدون. ومثله مما تعرفه به قوله: «أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً» «٦» فقال بعض المفسرين «أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا» : ألم يعلم، والمعنى- والله أعلم- أفلم ييأسوا علما بأن اللَّه لو شاء لهدى الناس جميعا. وكذلك «لَنَنْزِعَنَّ» يقول يريد ننزعهم بالنداء.
وقوله: مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها... (٧١)
غير مهموز يقول: ليس فيها لون غير الصّفرة. وقال بعضهم: هِيَ صفراء حَتَّى ظلفها وقرنها أصفران.
وقوله: فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها...
(٧٢)
يقال: إنه ضرب بالفخذ اليمنى، وبعضهم يقول: ضُرِب بالذَّنَب.
ثُمَّ قال اللَّه عز وجل: «كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى»
معناه والله أعلم اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها
فيحيا كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى
أي اعتبروا ولا تجحدوا بالبعث، وأضمر
(٢) «أيهم أقرب» ابتداء وخبر فى موضع نصب بالفعل المضمر الذي دل عليه الكلام التقدير: ينظرون أيهم أقرب. ولا يعمل الفعل فى لفظ أي لأنها استفهام.
(٣) آية ٤٤ سورة آل عمران.
(٤) فى الأصول: «التشيعة» ويبدو أن ما أثبت هو الصواب.
(٥) فى ج، ش: «وفيها».
(٦) آية ٣١ سورة الرعد.