بوجهين قوله (إِنَّ «١» لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا) و (سبخا) «٢» بالحاء والخاء. والسَّبخ:
السعة. وسمعت العرب تَقُولُ: سَبِّخي صُوفك وهو شبيه بالندف، والسَّبح نحو من ذَلِكَ، وكلّ صَواب بِحمد الله.
وقوله: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ [٤٨] الظِّلّ يرجع عَلَى كل شيء من جوانبه، فذلك تفيّؤه. ثُمَّ فَسَّر فقال: (عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ) فوحّد اليمين وجَمَع الشمائل. وكل ذَلِكَ جائز فِي العربية.
قَالَ الشاعر «٣» :
بِفِي الشامتين الصخر إن كَانَ هدّني... رَزِيّة شِبْلَيْ مُخْدر فِي الضراغم
ولم يقل: بأفواهِ الشامتين. وقال الآخر «٤» :
الواردون وثيم فى ذراسبأ... قد عضَّ أعناقَهم جلدُ الجواميس
وقال الآخر/ ٩٥:
فباست بنى عبس وأستاه طيّئ... وباست بني دُودان حَاشَا بني نَصْرِ
فجمع وَوَحَّد. وقال الآخر:
كلوا فِي نصف بطنِكم تعيشوا... فإنَّ زمانكم زَمَنٌ خميصُ «٥»
فجاء التوحيد لأن أكثر الكلام يُواجه بِهِ الواحد، فيقال: خذ عَن يمينك وعن شِمالك لأن المكلم واحد والمتكلّم كذلك، فكأنه إذا وَحّد ذهب إلى واحد من القوم، وإذا جَمَع فهو الَّذِي لا مسألة فِيهِ. وكذلك قوله:

(١) الآية ٧ سورة المزمل.
(٢) هذه قراءة ابن يعمر وعكرمة وابن أبى عبلة كما فى البحر المحيط ٨/ ٣٦٣. وهى قراءة شاذة.
(٣) هو الفرزدق يرثى ابنين له. والمخدر: الأسد، والضراغم جمع ضرغم وهو الأسد أيضا. وانظر الديوان ٧٦٤.
(٤) هو جرير فى هجاء عمر بن لجأ التيمي. والرواية فى الديوان طبعة بيروت ٢٥٢: «تدعوك ثيم وثيم... أراد بعض جلد الجواميس أنهم أسرى وفى أعناقهم أطواق من جلد الجواميس.
(٥) ورد فى أمالى ابن الشجري ١/ ٣١١ و ٢/ ٣٨ و ٣٤٣. وفيه: «تعفوا»
فى مكان «تعيشوا».


الصفحة التالية
Icon