وقوله (فِي عِيشَةٍ «١» راضِيَةٍ) معناها مرضيَّة، وقال الشاعر «٢» :

دعِ المكارمَ لا ترحل لِبُغْيتها واقعد فإنّك أنت الطاعم الكاسي
معناهُ المكسوّ. تستدلّ على ذَلِكَ أنك تَقُولُ: رضيتُ هذه المعيشة ولا تقول: رَضِيَتْ ودُفِق الماء ولا تَقُولُ: دَفَق، وتقول كُسِيَ العريان ولا تَقُولُ: كسا. ويقرأ (إِلَّا مَنْ رُحِم) أيضًا «٣».
ولو قيلَ لا عَاصِم اليوم من أمر الله إِلَّا من رُحِمَ كأنَّك «٤» قلت: لا يعصم «٥» اللهُ اليوم إِلَّا من رُحِمَ ولم نسمع «٦» أحدًا قرأ بِهِ.
وقوله: (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) [٤٤] وهو جبل بحضَنَين «٧» من أرض الموْصِل ياؤه مشدّدة وقد حدِّثتُ أن بعض «٨» القراء قرأ (عَلَى الْجُودِي) بإرسال الياء. فإن تكن صحيحة فهي مما كَثُر بِهِ الكلام عند أهله فخُفِّف، أو يكون قد سمي بفعل أنثى مثل حُطيِّ وأصِرّي وصَرِّي، ثُمَّ أُدخلت عَلَيْهِ الألف واللام. أنشدني بعضهم- وهو المفضّل-:
وكفرتَ قومًا هُمْ هَدَوْكَ لأقدِمي إذ كَانَ زَجْرَ أبيك سأسأ واربق «٩»
(١) الآية ٢١ سورة الحاقة.
(٢) هو الحطيئة. والبيت من قصيدة يهجو فيها الزبرقان بن بدر التميمي.
(٣) سقط فى ا.
(٤) كذا فى ا. وفى شىء: «فإنك». ويصح أن يكون جواب لو بإسقاط الفاء.
(٥) ب: «يعصم». [.....]
(٦) فى الكشاف أنه قرىء به. ولم يذكر القارئ.
(٧) كذا فى الأصول. ولم أقف عليه فى البلدان. وقد يكون: «بحصنين» تثنيه حصن لما يتحصن به. وفى القاموس أن حصنين بلد وقلعة بوادي لية ولية فى بلاد العرب وليس فى الموصل. ولم يعين البلد ولم يعرف أين هوه.
(٨) هو الأعمش برواية المطوعى كما فى الإتحاف.
(٩) «أقدمى» يقولها الفارس لفرسه يأمرها بالإقدام فى الحرب، وفى الحديث فى يوم بدر أنه سمع صوت يقول:
أقدم حيزوم وحيزوم فرس جبريل عليه السلام، وقد جعل هذا زجرا والمعروف فى زجر الفرس اجدم. وسأسأزجر الحمار. يقول كفرت قوما علموك الغزو ورشحوك للسيادة، وقد كنت قبل تركب الحمار وترعى الغنم. وقوله: اربق أي اربط الغنم فى حبل يجمعها.


الصفحة التالية
Icon