سُنَّة فِي زمانِهم إذا ورد عليهم القوم فأُتُوا بالطعام فلم يَمسّوه ظنّوا أنَّهم عَدُوٌّ أو لصوص. فهناك أوجس فِي نفسه خِيفةً فرأَوا ذَلِكَ فِي وجهه، فقالوا: لا تَخَفْ، فضحكت عند ذَلِكَ امرأته وكانت قائمة وهو قاعد (وكذلك هي فِي قراءة عبد الله: وامرأته قائمة وهو قاعد) مثبتة «١» فضحكت فبشرت بعد الضحك. وإنَّما ضحكت سرورًا بالأمن «٢» فأتبعوها البشرى بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب.
وقد يقول بعض المفسرين: هذا مقدّم ومؤخّر. والمعنى فِيهِ: فبشَّرناها بإسحاق فضحكت بعد البشارة وهو مِمّا قد يَحتمله الكلام والله أعلم بصوابه. وأما قوله (فَضَحِكَتْ) : حاضت فلم نسمعهُ من ثقة وقوله (يَعْقُوب) يرفع وينصب وَكَانَ حَمْزَةُ ينوي بِهِ «٣» الخفض يريد: ومن وراء إسحاق بيعقوب.
ولا يَجوز الخفض إلا بإظهار الباء. وَيَعْقُوب هاهنا ولد الولد والنصب فِي يَعْقُوب بِمنزلة قول الشَّاعِر «٤»
جئني بِمثل بني بَدْرٍ لقومهم | أَوْ مثلَ أُسرة منظور بن سَيَّار |
أو عامِرَ بن طُفَيْل فِي مُركَّبِه | أو حارثًا يوم نادى القومُ يا حارِ |
لو جيت بالْخُبْزِ لَهُ مُيَسِّرًا | والبيضَ مطبوخًا معًا والسُّكَّرا «٥» |
(٢) كذا فى ش. وفى الطبري: «بالأمن منهم لما قالوا لابراهيم: لا تخف «وفى ا: «بالأمر»
(٣) ا: «بها» أي بالكلمة
(٤) هو جرير والبيتان من قصيدة فى ديوانه يهجو فيها الأخطل وبين البيت الأول والثاني بيت فى الديوان ٢٤٢ وهو:
أو مثل آل زهير والقنا قيض | والخيل فى رهج منها وإعصار |
(٥) فى الأصول: «بالخير» فى مكان «بالخبز» والظاهر ما أثبت