وقوله: (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) [٢٦] (كم) فِي موضع رفع ب (يَهْدِ) كأنك قلت:
أولم تهدهم القرون الْهَالِكة. وَفِي قراءة عبد الله فى سورة طه (أولم يَهْد لَهم من أهلكنا) وقد يكون (كَمْ) فِي موضع نصب بأهلكنا وَفِيهِ تأويل الرفع فيكون بمنزلة قولك: سواء عليّ أزيدًا ضربتَ أم عمرًا، فترفع (سواء) بالتأويل.
وتقول: قد تبيّن لي أقام زيد أم عَمْرو، فتكون الجملة مرفوعة فِي المعنى كأنك قلت:
تبيَّن لي ذاك.
وقوله: إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ [٢٧] والجُرُز: التي لا نباتَ فيها: ويُقال للناقة: إنها لَجُرَاز إِذَا كانت تأكل كل شيء، وللإنسان: إنه لَجرُوز إِذَا كَانَ أكولًا، وسيف جُرَاز إِذَا كَانَ لا يُبقي شيئًا إلا قطَعَهُ. ويُقال «١» : أرضُ جُرُز وجُرْز، وأرْض جَرَز وَجَرْزٌ، لبني تَميم، كل لو قرئ بِهِ لكان حَسَنًا. وهو مثل الْبُخُل والبُخْل والبَخُل والبَخْل والرُغب والرهب والشغل فِيهِ أربع مثل ذلك.
وقوله: قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ [٢٩] يعني فتح مكة (لا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمانُهُمْ) فذكر ذَلِكَ لمن قتله خالد بن الوليد من بني كنانة يومئذ، قالوا: قد أسلمنا، فقال خالد: إن كنتم أسلمتم فضَعُوا السلاح ففعلوا، فلمّا وضعوهُ أثْخَنَ «٢» فيهم لأنهم كانوا قتلوا عوفًا أبا عبد الرحمن بن عوف وجدًّا لِخالد قبل ذَلِكَ: المغيرة. ولو رفع (يَوْمَ الْفَتْحِ) عَلَى أول الكلام لأن قوله (مَتى هذَا الْفَتْحُ) (مَتَى) فِي موضع رفع ووجه الكلام أن يكون (متى) فِي موضع نصب وهو أكثر.
ومن سورة الأحزاب
[قوله: اتَّقِ اللَّهَ] (قَالَ الفراء «٣» ) يقول القائل فِيمَ أُمِرَ النَّبِيّ ﷺ بالتقوى.

(١) سقط فى ا.
(٢) يقال: أثخن فى العدو: بالغ فى إضعافه ونهكه.
(٣) ا: «سمعت الفراء يقول».


الصفحة التالية
Icon