وربَّما أدخلت العرب الْهَاء بَعدَ الألف التي فى (حَسْرَتى) فيخفضونها مَرة، ويرفعونَها. قَالَ:
أنشدني أَبُو فَقْعَس، بعضُ «١» بني أسد:

يا ربِّ يا ربّاهِ إيّاك أسَلْ عَفْراء يا ربّاهِ من قبل الأجَل «٢»
فخفض، قَالَ: وأنشدني أَبُو فَقْعَسٍ:
يا مرحباهِ بِحمار ناهِيَهْ إِذَا أتى قرّبته للسَّانية «٣»
والخفضُ أكثر فِي كلام العرب، إلا فِي قولهم: يا هَناه «٤» ويا هَنْتَاه، فالرفع فِي هَذَا أكثر من الخفض لأنه كثُر «٥» فِي الكلام فكأنه حَرف واحدٌ مدعو.
وقوله: لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [٥٨] النصب فِي قوله (فَأَكُونَ) جَواب لِلو.
وإن شئت جَعلته مردودًا عَلَى تأويل أَنْ، تُضمرهَا فِي الكرَّة، كما تَقُولُ: لو أَنَّ لي أن أكُرَّ فأكونَ. ومثله مِمَّا نُصِبَ عَلَى ضمير أنْ قوله: (وَما «٦» كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ) المعْنَى- والله أعلم- ما كَانَ لبشرٍ أن يُكلمه الله إلا أن يُوحي إِلَيْهِ أو يرسل. ولو رفع (فيُوحي) إِذَا لَمْ يظهر أن قبله ولا معه كَانَ صوابًا. وقد قرأ به «٧» بعض القراء.
قال: وأنشدني بعض بنى أسد:
(١) كذا فى ا، وفى الخزانة ٣/ ٢٦٢: «لبعض».
(٢) بعده:
فإن عفراء من الدنيا الأمل
وانظر الخزانة فى الموطن السابق. وأسل أصلها: اسأل فخفف. [.....]
(٣) فى الخزانة ١/ ٤٠٠ «ناجية» فى مكان «ناهية» وفيها أن بنى ناجية قوم من العرب، وكأن ناهية هنا اسم امرأة، والسانية: الدلو العظيمة وأداتها. وأراد بتقريب الحمار للسانية أن يستقى عليه من البئر بالدلو العظيمة.
وانظر الخزانة.
(٤) يا هناه أي رجل، ويا هنتاه أي يا امرأة.
(٥) ش: «كثير».
(٦) الآية ٥١ سورة الشورى.
(٧) قرأ نافع وابن ذكوان راوى ابن عامر برفع «يرسل» و «فيوحى». وهذا غير ما يعنيه الفراء، فانه يريد رفع «فيوحى» مع نصب «يرسل».


الصفحة التالية
Icon