أي كسبت الذنب وجَرَّمته. وليس قول من قَالَ إنّ جَرَمت كقولك: حَقُقت أو حُقِقت بشيء وإنَّما لبس على قائله قول الشاعر «١» :

ولقد طَعنْتُ أبا عُيَيْنة طَعْنَةً جرَمت فزارةُ بعدها أن تغضبا
فرفعوا (فزارة) قالوا: نجعل الفعل لفزارة كأنه بِمنزلة حُقَّ لَهَا أو حقَّ لَهَا أن تغضب وفزارة منصوبة فِي قول الفراء أي جَرَمَتهم الطعنةُ أن يغضبوا.
ولكثرتها فى الكلام حذفت منها الميم فبنو فزارة يقولون: لا جَرَ أنك قائم. وتوصل من أوَّلها بذا، أنشدني بعضُ بني كلاب:
إن كلابًا وَالِدِي لاذا جَرَمْ لأَهْدِرَنَّ اليوم هدرًا صادقا «٢»
هدر المعنَّى ذي الشقاشيق اللَّهُمَّ «٣» وموضع أن مرفوع كقوله:
أحقًّا عبادَ الله جرأة محلق علي وقد أعييت عاد وتبعا
وقوله: وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ [٢٣].
معناهُ: تَخْشَعوا لربِّهم وإلى ربِّهم. وربَّما جعلت العرب (إلى) فِي موضع اللام. وقد قَالَ الله عزّ
(١) هو أسماء بن الضريبة. وقيل: عطية بن عفيف. وقوله: «أن تغضبا» كذا فى الأصول. والرواية:
«يغضبوا» وقبله:
يا كرز إنك قد قبلت بفارس بطل إذا هاب الكمأة وجببوا
كان كرز قد طعن أبا عيينة حصن بن حذيفة الفزاري فى يوم الحاجر فقتل به فرثاه الشاعر. وقوله: «جببوا» أي فروا ونفروا من القتال. وانظر الخزانة ٤/ ٣١٠، واللسان فى المادة.
(٢) «هدرا صادقا» كذا فى الأصول، وهو لا يستقيم فى الرجز المعروف عن العرب. وقد كتبها بعض الفضلاء «هدرا فى النعم» ولم أقف على سنده. وهدر البعير ترديد صوته فى حنجرته.
(٣) المعنى: فحل الإبل الذي حبس أو رغب عن ضرابه. والشقاشيق جمع شقشقة وهى كالرئة تخرج من فم البعير إذا هاج واغتلم. وأصله الشقاشق فزاد الياء. واللهم: الذي يلتهم كل شىء: يفتخر أنه من كلاب، وأنه سيصول في أقرانه كما يصول الفحل الهائج


الصفحة التالية
Icon