وقوله: نَذِيراً لِلْبَشَرِ (٣٦).
كَانَ بعض النحويين يَقُولُ: إن نصبت قوله: «نذيرا» من أول السورة يا محمد قم نذيرًا للبشر «١»، وليس ذَلِكَ بشيء وَالله أعلم لأنّ الكلام قَدْ حدث بَيْنَهُما شيء مِنْهُ كَثِير، ورفعه فِي قراءة أَبِيّ ينفي هَذَا المعنى. ونصبه «٢» من قوله: «إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ نَذِيراً» تقطعه من المعرفة لأن «إحدى الكبر» معرفةٌ فقطعته مِنْهُ، ويكون نصبه عَلَى أن تجعل النذير إنذارًا من قوله:
«لا تُبْقِي وَلا تَذَرُ [١١٣/ ب] » (٢٨) لواحة [تخبر بهذا عنْ جهنم إنذارًا «٣» ] للبشر، والنذير قَدْ يكون بمعنى: الإنذار. قَالَ اللَّه تبارك وتعالى: «كَيْفَ نَذِيرِ «٤» » و «فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ
«٥»
» يريد: إنذاري، وإنكاري.
وقوله عزَّ وجلَّ: إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥).
الهاء «٦» كناية عنْ جهنم.
وقوله: إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩).
قال الكلبي: هم أهل «٧» الجنة [حدثنا أبو العباس قال «٨» ] حدثنا الفراء قال: وَحَدَّثَنِي «٩» الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورِ «١٠» بْنِ الْمُعْتَمِرِ عَنِ الْمِنْهَالِ رَفَعَهُ إِلَى عَلِيٍّ قَالَ: «إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ» قَالَ: هُمُ الْوِلْدَانُ، وَهُوَ شَبِيهٌ بِالصَّوَابِ لأَنَّ الولدان لَمْ يَكْتَسِبُوا مَا يَرْتَهِنُونَ بِهِ وَفِي قوله:
«يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ» (٤٢) مَا يُقَوِّي أَنَّهُمُ الْوِلْدَانُ لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الذنوب، فسألوا: «ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ».

(١) كذا فى النسخ، وفى العبارة غموض، يوضحه قول الكشاف عن المراد بها: «وقيل: هو متصل بأول السورة، يعنى: قم نذيرا، وهو من بدع التفاسير». الكشاف: ٢: ٥٠٥، ويمكن أن يقدر جواب إن.
(٢) كذا فى ش، وفى غيرها: نصبها. ولفظ ش: أنسب.
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة من ح، ش.
(٤) سورة الملك الآية: ١٧ فى الأصل «فكيف كان نذير».
(٥) سورة الملك الآية: ١٨، واجتزأ فى ح بلفظ (نكير).
(٦) سقط فى ش.
(٧) فى ش: أصحاب. [.....]
(٨) زيادة فى ش.
(٩) فى ش: حدثنى.
(١٠) المنصور بن المعتمر هو أبو عتاب السلمى الكوفي، عرض القرآن على الأعمش، وروى عن إبراهيم النخعي، ومجاهد. وعرض عليه حمزة، وروى عنه سفيان الثوري وشعبة ت ١٣٣ (طبقات القراء ٢/ ٣١٤).


الصفحة التالية
Icon