كأنه قولك: قم «١» تصب خيرًا، وليس كذلك «٢»، ولكن العرب إِذَا خرج الكلام فِي مثال غيره وهو مقارب لَهُ عرّبوه بتعريبه، فهذا من ذلك، وَقَدْ ذكرناه فِي غير موضع، ونزلت قوله:
«قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ» فِي المشركين قبل أن يؤمر النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتال أهل مكَّة.
وقوله: لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) قرأها يَحيى بْن وثاب: لنجزى بالنون «٣»، وقرأها النَّاس بعد «لِيَجْزِيَ قَوْماً» »
بالياء وهما سواء بمنزلة قوله: «وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ» «٥»، «وَقَدْ خلقناك من قبل» «٦» وَقَدْ قَرَأَ بعض القراء فيما ذُكر لي: ليُجزَى قَوْمًا، وهو فِي الظاهر لحن، فإن كَانَ أضمر فِي «يجزي» فعلا يقع بِهِ الرفع كما تَقُولُ: أُعطِيَ ثوبا ليُجزى ذَلِكَ الجزاء قوما فهو وجه.
وقوله: عَلى شَرِيعَةٍ (١٨).
عَلَى دين وملة ومنْهاج كل ذَلِكَ يقال «٧».
وقوله: وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (١٩).
ترفع اللَّه، وهو وجه الإعراب إِذَا جاء الاسم بعد إنَّ، وخبر فارفعه كَانَ معه فعل أَوْ لم يكن.
فأما الَّذِي لا فعل معه فقوله: «أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ» «٨» وأمّا الَّذِي معه فعل فقوله جل وعز: «وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ» «٩».
(٢) في (ب) كذاك.
(٣) جاء فى الإتحاف ٣٩٠: واختلف فى «لنجزى قوما» فنافع وابن كثير وأبو عمرو وعاصم ويعقوب بالياء مبقيا للفاعل، أي: ليجزى الله، وافقهم اليزيدي والحسن والأعمش.
وقرأ أبو جعفر بالياء المضمومة، وفتح الزاى مبنيا للمفعول مع نصب قوما. والباقون بنون العظمة مفتوحة مبنيا للفاعل.
(٤) لم يثبت فى ح، ش: (ليجزى قوما).
(٥) سورة مريم الآية ٩.
(٦) وهى قراءة حمزة والكسائي بنون مفتوحة، وألف على لفظ الجمع، وافقهم الأعمش. والباقون بالتاء المضمومة بلا ألف على التوحيد (الإتحاف ٢٩٨ وانظر النشر ٢/ ٣١٧).
(٧) انظر اللسان مادة شرع.
(٨) سورة التوبة الآية ٣.
(٩) سورة الجاثية الآية ١٩. [.....]