ومثله فِي الكلام: أعوذ بالله منك، وسقيا لفلان، كأنه قَالَ: وسقي اللَّه فلانًا، وجئت لأكرمك وزيارة لَكَ وقضاء لحقك، معناه: لأزورك وأقضي حقك، فنصبت الزيارة والقضاء بفعل مضمر.
وقوله: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً (١٥).
قرأها أهل الكوفة بالألف، وكذلك هِيَ فِي مصاحفهم، وأهل المدينة وأهل البصرة يقرءون:
(حُسْنًا) «١» وكذلك هِيَ فِي مصاحفهم، ومعناهما واحد والله أعلم.
وقوله: حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً (١٥).
وفي قراءة عَبْد اللَّه: حتّى إِذَا استوى وبلغ أشده «٢» وبلغ أربعين سنة، والمعنى فِيهِ، كالمعنى فِي قراءتنا لأنَّه جائز فِي العربية أن تقول: لمَّا ولد لَكَ وأدركت مدرك الرجال عققت وفعلت، والإدراك قبل الولادة، وَيُقَال: إن الأشدها هنا هُوَ الأربعون «٣».
وسمعت بعض المشيخة يذكر بإسناد لَهُ فِي الأشد: ثلاث وثلاثون، وفي الاستواء: أربعون.
وسمعت أن الأشد فِي غير هذا الموضع: ثمانى عشرة. والأول أشبه بالصواب لأن الأربعين أقرب فِي النسق إلى ثلاث وثلاثين ومنها إلى ثماني عشرة ألا ترى أنك تَقُولُ: أخذت عامة المال أَوْ كلَّه، فيكون أحسن من أن تَقُولُ: أخذت «٤» أقلّ المال أَوْ كلّه. ومثله قوله: «إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ» «٥»، فبعض ذا قريب من بعض، فهذا سبيل كلام العرب [١٧٦/ ا]، والثاني يعنى ثمانى عشرة، [و] «٦» لو ضم إلى الأربعين كَانَ وجها.
وقوله: أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ (١٥).
نزلت هَذِهِ الآية: فِي أَبِي بَكْر الصديق رحمه الله.

(١) جاء فى الاتحاف (٣٩١) : واختلف فى حسنا، فعاصم وحمزة والكسائي وخلف: إحسانا، وافقهم الأعمش، والباقون بضم الحاء وسكون السين بلا همز ولا ألف (وانظر الطبري ٢٦/ ١٠). [.....]
(٢) بلغ الرجل أشده إذا اكتهل (ابن سيده) ونقله اللسان.
(٣) وقال الزجاج هو من نحو سبع عشرة إلى الأربعين، وقال مرة هو ما بين الثلاثين والأربعين (اللسان:
شدد).
(٤) فى ش أخذ.
(٥) سورة المزمل الآية ٢٠.
(٦) فى ب: لو، سقط.


الصفحة التالية
Icon