مَعًا، وَهُوَ مُحَالٌ، أَمَّا إِذَا قُلْنَا إِنَّهَا دَالَّةٌ عَلَى الْمَعَانِي الذِّهْنِيَّةِ كَانَ هَذَانِ الْقَوْلَانِ دَالَّيْنِ عَلَى حُصُولِ هَذَيْنِ/ الْحُكْمَيْنِ مِنْ هَذَيْنِ الْإِنْسَانَيْنِ، وَذَلِكَ لَا يَتَنَاقَضُ.
الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ وَالثَّلَاثُونَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ جَمِيعُ الْمَاهِيَّاتِ مُسَمَّيَاتٍ بِالْأَلْفَاظِ، لِأَنَّ الْمَاهِيَّاتِ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ، وَمَا لَا نِهَايَةَ لَهُ لَا يَكُونُ مَشْعُورًا بِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَمَا لَا يَكُونُ مَشْعُورًا بِهِ امْتَنَعَ وَضْعُ الِاسْمِ بِإِزَائِهِ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ وَالثَّلَاثُونَ: كُلُّ مَعْنًى كَانَتِ الْحَاجَةُ إِلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ أَهَمَّ، كَانَ وَضْعُ اللَّفْظِ بِإِزَائِهِ أَوْلَى، مِثْلُ صِيَغِ الْأَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي، وَالْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى التَّعْبِيرِ عَنْهَا مَاسَّةٌ فَيَكُونُ الدَّاعِي إِلَى ذَلِكَ الْوَضْعِ كَامِلًا، وَالْمَانِعُ زَائِلًا، وَإِذَا كَانَ الدَّاعِي قَوِيًّا وَالْمَانِعُ زَائِلًا، كَانَ الْفِعْلُ بِهِ وَاجِبَ الْحُصُولِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةُ وَالثَّلَاثُونَ: الْمَعْنَى الَّذِي يَكُونُ خَفِيًّا عِنْدَ الْجُمْهُورِ يَمْتَنِعُ كَوْنُهُ مُسَمًّى بِاللَّفْظِ الْمَشْهُورِ، مِثَالُهُ لَفْظَةُ الْحَرَكَةِ لَفْظَةٌ مَشْهُورَةٌ وَكَوْنُ الْجِسْمِ مُنْتَقِلًا مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ أَمْرٌ مَعْلُومٌ لِكُلِّ أَحَدٍ، أَمَّا الَّذِي يَقُولُ بِهِ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ- وَهُوَ الْمَعْنَى الَّذِي يُوجِبُ ذَلِكَ الِانْتِقَالَ- فَهُوَ أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يَتَصَوَّرُهُ إِلَّا الْخَوَاصُّ مِنَ النَّاسِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُقَالَ: الْحَرَكَةُ اسْمٌ لِنَفْسِ هَذَا الِانْتِقَالِ لَا لِلْمَعْنَى الَّذِي يُوجِبُ الِانْتِقَالَ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْعِلْمُ اسْمًا لِنَفْسِ الْعَالِمِيَّةِ، وَالْقُدْرَةُ اسْمًا لِلْقَادِرِيَّةِ، لَا لِلْمَعْنَى الْمُوجِبِ للعالمية والقادرية.
المعنى اسم للصورة الذهنية المسألة التاسعة والثلاثون [المعنى اسم للصورة الذهنية] فِي الْمَعْنَى: الْمَعْنَى اسْمٌ لِلصُّورَةِ الذِّهْنِيَّةِ لَا لِلْمَوْجُودَاتِ الْخَارِجِيَّةِ لِأَنَّ الْمَعْنَى عِبَارَةٌ عَنِ الشَّيْءِ الَّذِي عَنَاهُ الْعَانِي وَقَصَدَهُ الْقَاصِدُ، وَذَاكَ بِالذَّاتِ هُوَ الْأُمُورُ الذِّهْنِيَّةُ، وَبِالْعَرَضِ الْأَشْيَاءُ الْخَارِجِيَّةُ، فَإِذَا قِيلَ: إِنَّ الْقَائِلَ أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ هَذَا الْمَعْنَى، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ قَصَدَ بِذِكْرِ ذَلِكَ اللَّفْظِ تَعْرِيفَ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُتَصَوَّرِ.
الْمَسْأَلَةُ الْأَرْبَعُونَ: قَدْ يُقَالُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي: إِنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَعْرِيفُهَا بِالْأَلْفَاظِ، مِثْلُ أَنَّا نُدْرِكُ بِالضَّرُورَةِ تَفْرِقَةً بَيْنَ الْحَلَاوَةِ الْمُدْرَكَةِ مِنَ النَّبَاتِ وَالْحَلَاوَةِ الْمُدْرَكَةِ مِنَ الطَّبَرْزَذِ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ لَا سَبِيلَ إِلَى تَعْرِيفِ هَذِهِ التَّفْرِقَةِ بِحَسَبِ اللَّفْظِ، وَأَيْضًا رُبَّمَا اتَّفَقَ حُصُولُ أَحْوَالٍ فِي نَفْسِ بَعْضِ النَّاسِ وَلَا يُمْكِنُهُ تَعْرِيفُ تِلْكَ الْحَالَةِ بِحَسَبِ التَّعْرِيفَاتِ اللَّفْظِيَّةِ، إِذَا عَرَفْتَ هَذَا فَنَقُولُ: أَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَالسَّبَبُ فِيهِ أَنَّ مَا بِهِ يَمْتَازُ حَلَاوَةُ النَّبَاتِ مِنْ حَلَاوَةِ الطَّبَرْزَذُ مَا وَضَعُوا لَهُ فِي اللُّغَةِ لَفْظَةً مُعَيَّنَةً، بَلْ لَا يُمْكِنُ ذِكْرُهَا إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الْإِضَافَةِ، مِثْلَ أَنْ يُقَالَ حَلَاوَةُ النَّبَاتِ وَحَلَاوَةُ الطَّبَرْزَذِ، فَلَمَّا لَمْ تُوضَعْ لِتِلْكَ التَّفْرِقَةِ لَفْظَةٌ مَخْصُوصَةٌ لَا جَرَمَ لَا يُمْكِنُ تَعْرِيفُهَا بِاللَّفْظِ، وَلَوْ أَنَّهُمْ وَضَعُوا لَهَا لَفْظَةً لَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ تَعْرِيفُهَا بِاللَّفْظِ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ، / وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي وَهُوَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا أَدْرَكَ مِنْ نَفْسِهِ حَالَةً مَخْصُوصَةً وَسَائِرُ النَّاسِ مَا أَدْرَكُوا تِلْكَ الْحَالَةَ الْمَخْصُوصَةَ اسْتَحَالَ لِهَذَا الْمُدْرِكِ وَضْعُ لَفْظٍ لِتَعْرِيفِهِ، لِأَنَّ السَّامِعَ مَا لَمْ يَعْرِفِ الْمُسَمَّى أَوَّلًا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَفْهَمَ كَوْنَ هَذَا اللَّفْظِ مَوْضُوعًا لَهُ، فَلَمَّا لَمْ يَحْصُلْ تَصَوُّرُ تِلْكَ الْمَعَانِي عِنْدَ السَّامِعِينَ امْتَنَعَ مِنْهُمْ أَنْ يَتَصَوَّرُوا كَوْنَ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ مَوْضُوعَةً لَهَا، فَلَا جَرَمَ امْتَنَعَ تَعْرِيفُهَا، أَمَّا لَوْ فَرَضْنَا أَنَّ جَمَاعَةً تَصَوَّرُوا تِلْكَ الْمَعَانِيَ ثُمَّ وَضَعُوا لَهَا أَلْفَاظًا مَخْصُوصَةً فَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ كَانَ


الصفحة التالية
Icon