سورة الأنبياء عليهم السلام
مِائَةٌ وَاثْنَتَا عَشْرَةَ آيَةً مَكِّيَّةً بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
[سورة الأنبياء (٢١) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ (١) مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٢) لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٣)اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ فِيهِ مَسَائِلُ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: الْقُرْبُ لَا يُعْقَلُ إِلَّا فِي الْمَكَانِ وَالزَّمَانِ، وَالْقُرْبُ المكاني هاهنا مُمْتَنَعٌ فَتَعَيَّنَ الْقُرْبُ الزَّمَانِيُّ، وَالْمَعْنَى اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ وَقْتُ حِسَابِهِمْ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ كَيْفَ وُصِفَ بِالِاقْتِرَابِ، وَقَدْ عَبَرَ بَعْدَ هَذَا الْقَوْلِ قَرِيبٌ مِنْ سِتِّمِائَةِ عَامٍ وَالْجَوَابُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ مُقْتَرِبٌ عِنْدَ اللَّه تَعَالَى وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [الْحَجِّ: ٤٧]. وَثَانِيهَا: أَنَّ كُلَّ آتٍ قَرِيبٌ وَإِنْ طَالَتْ أَوْقَاتُ تَرَقُّبِهِ، وَإِنَّمَا الْبَعِيدُ هُوَ الَّذِي انْقَرَضَ قَالَ الشَّاعِرُ:
فَلَا زَالَ مَا تَهْوَاهُ أَقْرَبُ مِنْ غَدِ | وَلَا زَالَ مَا تَخْشَاهُ أَبْعَدُ مِنْ أَمْسِ |
قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ»
وَهَذَا الْوَجْهُ قِيلَ إِنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ خَتَمَ بِهِ النُّبُوَّةَ، كُلُّ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ مُدَّةِ التَّكْلِيفِ أَقَلُّ مِنَ الْمَاضِي.