ففيه تدقيق: وهو أن هاهنا لَا يَكُونُ مُتَعَلِّقًا بِالتَّوَلِّي لِأَنَّهُمْ إِنْ لَمْ يَتَوَلَّوْا يَكُونُونَ مِمَّنْ يَأْتِي بِهِمُ اللَّهُ عَلَى الطَّاعَةِ وَإِنْ تَوَلَّوْا لَا يَكُونُونَ مِثْلَهُمْ لِكَوْنِهِمْ عَاصِينَ، كَوْنُ مَنْ يَأْتِي بِهِمْ مُطِيعِينَ، وَأَمَّا هُنَاكَ سَوَاءٌ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا لَا يُنْصَرُونَ، فَلَمْ يَكُنْ لِلتَّعْلِيقِ هُنَاكَ وَجْهٌ فَرُفِعَ بالابتداء، وهاهنا جُزِمَ لِلتَّعْلِيقِ.
وَقَوْلُهُ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثالَكُمْ فِي الْوَصْفِ وَلَا فِي الْجِنْسِ وَهُوَ لَائِقٌ الْوَجْهُ الثَّانِي: وَفِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا: قَوْمٌ مِنَ الْعَجَمِ ثَانِيهَا: قَوْمٌ مِنْ فَارِسَ
رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَمَّنْ يُسْتَبْدَلُ بِهِمْ إِنْ تَوَلَّوْا وَسَلْمَانُ إِلَى جَنْبِهِ فَقَالَ: «هَذَا وَقَوْمُهُ» ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ الْإِيمَانُ مَنُوطًا بِالثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ فَارِسَ»
وَثَالِثُهَا: قَوْمٌ مِنَ الْأَنْصَارِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَصَلَاتُهُ عَلَى خَيْرِ خَلْقِهِ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَعِتْرَتِهِ وَآلِ بَيْتِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا آمين.