وقال آخر:
٥٣-
فإن تقويا منهم فإنهم بسل
«١» أقوى المكان: إذا خلا.
وقيل للشجاعة: البَسالة، إمّا لما يوصف به الشجاع من عبوس وجهه، أو لكون نفسه محرّما على أقرانه لشجاعته، أو لمنعه لما تحت يده عن أعدائه، وأَبْسَلْتُ المكان: حفظته وجعلته بسلا على من يريده، والبُسْلَةُ: أجرة الراقي «٢»، وذلك لفظ مشتق من قول الراقي: أَبْسَلْتُ فلانا، أي:
جعلته بَسَلًا، أي: شجاعا قويا على مدافعة الشيطان أو الحيّات والهوام، أو جعلته مُبْسَلًا، أي: محرّما عليها، [وسمّي ما يعطى الراقي بسلة]، وحكي: بَسَّلْتُ الحنظل: طيّبته، فإن يكن ذلك صحيحا فمعناه: أزلت بَسَالَتَه، أي:
شدّته، أو بَسْلَهُ أي: تحريمه، وهو ما فيه من المرارة الجارية مجرى كونه محرّما، و (بَسَلْ) في معنى أجل وبس «٣»
بسم «٤»
قال تعالى: فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها
[النمل/ ١٩].
بشر
البَشَرَة: ظاهر الجلد، والأدمة: باطنه، كذا قال عامّة الأدباء، وقال أبو زيد بعكس ذلك «٥»، وغلّطه أبو العباس وغيره، وجمعها: بَشَرٌ وأَبْشَارٌ، وعبّر عن الإنسان بالبَشَر اعتبارا بظهور جلده من الشعر، بخلاف الحيوانات التي عليها الصوف أو الشعر أو الوبر، واستوى في لفظ البشر الواحد والجمع، وثني فقال تعالى: أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ [المؤمنون/ ٤٧].
وخصّ في القرآن كلّ موضع اعتبر من الإنسان جثته وظاهره بلفظ البشر، نحو: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً [الفرقان/ ٥٤]، وقال عزّ وجل: إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ [ص/ ٧١]، ولمّا أراد الكفار الغضّ من الأنبياء اعتبروا ذلك فقالوا: إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ [المدثر/ ٢٥]، وقال تعالى: أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ [القمر/ ٢٤]، ما أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا [يس/ ١٥]، أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا [المؤمنون/

(١) هذا عجز بيت وشطره:
بلاد بها نادمتهم وألفتهم
وهو لزهير بن أبي سلمى في ديوانه ص ٥٩.
(٢) انظر: المجمل ١/ ١٢٥.
(٣) بس بمعنى حسب. انظر القاموس.
(٤) هذا الفصل ساقط من المطبوعة.
(٥) ذكر قوله الأزهري في تهذيبه ١١/ ٣٦٠، والذي غلّطه ثعلب.


الصفحة التالية
Icon