تعالى: لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ [الفرقان/ ٢٢]، وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى [هود/ ٦٩]، يا بُشْرى هذا غُلامٌ [يوسف/ ١٩]، وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى [الأنفال/ ١٠].
والبشير: المُبَشِّر، قال تعالى: فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً [يوسف/ ٩٦]، فَبَشِّرْ عِبادِ [الزمر/ ١٧]، وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ
[الروم/ ٤٦]، أي: تبشّر بالمطر.
وقال صلّى الله عليه وسلم: «انقطع الوحي ولم يبق إلا المبشّرات، وهي الرؤيا الصالحة، يراها المؤمن أو ترى له» «١» وقال تعالى: فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ [يس/ ١١]، وقال: فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران/ ٢١]، بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ [النساء/ ١٣٨]، وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [التوبة/ ٣] فاستعارة ذلك تنبيه أنّ أسرّ ما يسمعونه الخبر بما ينالهم من العذاب، وذلك نحو قول الشاعر:
٥٤-
تحيّة بينهم ضرب وجيع
«٢» ويصحّ أن يكون على ذلك قوله تعالى:
قُلْ: تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ [إبراهيم/ ٣٠]، وقال عزّ وجل: وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ [الزخرف/ ١٧].
ويقال: أَبشرَ، أي: وجد بشارة، نحو: أبقل وأمحل، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت/ ٣٠]، وأبشرت الأرض: حسن طلوع نبتها، ومنه قول ابن مسعود رضي الله عنه: (من أحبّ القرآن فليبشر) «٣» أي: فليسرّ. قال الفرّاء:
إذا ثقّل فمن البشرى، وإذا خفّف فمن السرور يقال: بَشَرْتُهُ فَبَشَرَ، نحو: جبرته فجبر، وقال سيبويه «٤» : فَأَبْشَرَ، قال ابن قتيبة «٥» : هو من بشرت، الأديم، إذا رقّقت وجهه، قال: ومعناه فليضمّر نفسه، كما روي: «إنّ وراءنا عقبة لا يقطعها إلا الضّمر من الرّجال» «٦»، وعلى الأول قول الشاعر:
(٢) هذا عجز بيت لعمرو بن معديكرب، وصدره:
وخيل قد دلفت لها بخيل
وهو في البصائر ٢/ ٢٠١، وخزانة الأدب ٩/ ٢٥٢، وديوانه ص ١٤٩، والممتع ص ٢٦٠، والخصائص ١/ ٣٦٨.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة ٦/ ١٣٣ وانظره: في الغريبين ١/ ١٨٠، واللسان (بشر)، والنهاية ١/ ١٢٩.
(٤) الكتاب ٢/ ٢٣٥.
(٥) في غريب الحديث ٢/ ٢٣٤.
(٦) راجع: اللسان (بشر) ٤/ ٦٠. الحديث أخرجه ابن مردويه والطبراني عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إنّ أمامكم عقبة كؤدا لا يجوزها المثقلون، فأنا أريد أن أتخفف لتلك العقبة» وإسناده صحيح. راجع: الدر المنثور ٨/ ٥٢٣، والترغيب والترهيب ٤/ ٨٥. وأسباب ورود الحديث ٢/ ٤٢ وأخرجه البزار بلفظ: «إن بين أيديكم عقبة».