لمضجعه. ويقال: تَبَوَّأَ فلان كناية عن التزوّج، كما يعبّر عنه بالبناء فيقال: بنى بأهله. ويستعمل البَوَاء في مراعاة التكافؤ في المصاهرة والقصاص، فيقال: فلان بواء لفلان إذا ساواه، وقوله عزّ وجلّ: باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ
[الأنفال/ ١٦]، أي: حلّ مبّوأ ومعه غضب الله، أي: عقوبته، وقوله: بِغَضَبٍ في موضع حال، كخرج بسيفه، أي: رجع، لا مفعول نحو: مرّ بزيد. واستعمال (باء) تنبيها على أنّ مكانه الموافق يلزمه فيه غضب الله، فكيف غيره من الأمكنة؟ وذلك على حدّ ما ذكر في قوله:
فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ [آل عمران/ ٢١]، وقوله: إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ [المائدة/ ٢٩] أي: تقيم بهذه الحالة. قال:
٧٨-
أنكرت باطلها وبؤت بحقّها
«١» وقول من قال: أقررت بحقها فليس تفسيره بحسب مقتضى اللفظ «٢». والبَاءَة كناية عن الجماع. وحكي عن خلف الأحمر «٣» أنه قال في قولهم: حيّاك الله وبيّاك:
إنّ أصله: بوّأك منزلا، فغيّر لازدواج الكلمة، كما غيّر جمع الغداة في قولهم: آتيه الغدايا والعشايا «٤».
الباء
الباء يجيء إمّا متعلّقا بفعل ظاهر معه، أو متعلّقا بمضمر، فالمتعلق بفعل ظاهر معه ضربان:
- أحدهما: لتعدية الفعل، وهو جار مجرى الألف الداخل على الفعل للتعدية، نحو: ذهبت به، وأذهبته. قال تعالى: وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً [الفرقان/ ٧٢].
- والثاني: للآلة، نحو: قطعه بالسكين «٥».
والمتعلّق بمضمر يكون في موضع الحال، نحو: خرج بسلاحه، أي: وعليه السلاح، أو:
معه السلاح. وربما قالوا: تكون زائدة، نحو:
وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا [يوسف/ ١٧]،
عندي ولم يفخر عليّ كرامها
وهو في ديوانه ص ١٧٨، شرح المعلقات ١/ ١٧٠، والعباب الفاخر (بوء) ١/ ٥٦.
(٢) قال الصاغاني: ويقال: باء بحقّه، أي: أقرّ، وذا يكون أبدا بما عليه لا له. انظر العباب: (بوء)، واللسان (بوء)، والمجمل (بوء).
(٣) انظر ترجمته في إنباه الرواة ١/ ٣٨٣، ومعجم الأدباء ١١/ ٦٦، وهذا خطأ من المؤلف فالأحمر المراد هنا ليس خلفا بل هو علي بن المبارك الأحمر، صاحب الكسائي، وقد نقل هذا عنه أبو عبيد في الغريب المصنف.
(٤) قال ابن منظور: وقالوا: إني لآتيه بالغدايا والعشايا، والغداة لا تجمع على الغدايا، ولكنهم كسروه على ذلك ليطابقوا بين لفظه ولفظ العشايا، فإذا أفردوه لم يكسروه. وقال ابن السكيت: أرادوا جمع الغداة فأتبعوها العشايا للازدواج. راجع اللسان (غدا) ١٥/ ١١٧.
(٥) ذكر أبو الحسين المزني للباء واحدا وعشرين معنى، فارجع إلى كتابه «الحروف» ص ٥٤.