وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ [البقرة/ ١٩٥]، قيل تقديره: لا تلقوا أيديكم، والصحيح أنّ معناه: لا تلقوا أنفسكم بأيديكم إلى التهلكة «١»، إلا أنه حذف المفعول استغناء عنه وقصدا إلى العموم، فإنه لا يجوز إلقاء أنفسهم ولا إلقاء غيرهم بأيديهم إلى التهلكة.
وقال بعضهم: الباء بمعنى (من) في قوله:
عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ [المطففين/ ٢٨]، عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللَّهِ «٢» [الإنسان/ ٦]، والوجه ألا يصرف ذلك عمّا عليه، وأن العين هاهنا إشارة إلى المكان الذي ينبع منه الماء لا إلى الماء بعينه، نحو: نزلت بعين، فصار كقولك: مكانا يشرب به، وعلى هذا قوله تعالى:
فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ [آل عمران/ ١٨٨] أي: بموضع الفوز. والله تعالى أعلم.
تمّ كتاب الباء

(١) انظر: مغني اللبيب ص ١٤٨.
(٢) وجعل الباء بمعنى «من» للتبعيض أثبته الأصمعي والفارسي والقتبي وابن مالك والكوفيون. راجع: مغني اللبيب ص ١٤٢.


الصفحة التالية
Icon