إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ [آل عمران/ ١٧٣]، قيل: جمعوا آراءهم في التدبير عليكم، وقيل:
جمعوا جنودهم. وجَمِيعٌ وأَجْمَعُ وأَجْمَعُونَ يستعمل لتأكيد الاجتماع على الأمر، فأمّا أجمعون فتوصف به المعرفة، ولا يصح نصبه على الحال. نحو قوله تعالى: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ [الحجر/ ٣٠]، وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ [يوسف/ ٩٣]، فأمّا جميع فإنّه قد ينصب على الحال فيؤكّد به من حيث المعنى، نحو: اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً [البقرة/ ٣٨]، وقال: فَكِيدُونِي جَمِيعاً [هود/ ٥٥]، وقولهم: يوم الجمعة، لاجتماع الناس للصلاة، قال تعالى: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ [الجمعة/ ٩]، ومسجد الجامع، أي: الأمر الجامع، أو الوقت الجامع، وليس الجامع وصفا للمسجد، وجَمَّعُوا: شهدوا الجمعة، أو الجامع أو الجماعة.
وأتانٌ جامع «١» : إذا حملت، وقِدْر جِمَاع جامعة: عظيمة، واستجمع الفرس جريا: بالغ، فمعنى الجمع ظاهر. وقولهم: ماتت المرأة بِجُمْع: إذا كان ولدها في بطنها، فلتصور اجتماعهما، وقولهم: هي منه بِجُمْعٍ: إذا لم تفتضّ: فلاجتماع ذلك العضو منها وعدم التشقق فيه، وضربه بِجُمْعِ كفّه: إذا جمع أصابعه فضربه بها، وأعطاه من الدراهم جمع الكف.
أي: ما جمعته كفّه. والجوامع: الأغلال، لجمعها الأطراف.
جمل
الجَمَال: الحسن الكثير، وذلك ضربان:
أحدهما: جمال يخصّ الإنسان في نفسه أو بدنه أو فعله.
والثاني: ما يوصل منه إلى غيره. وعلى هذا الوجه ما روي عنه صلّى الله عليه وسلم: «إنّ الله جميل يحبّ الجمال» «٢» تنبيها أنّه منه تفيض الخيرات الكثيرة، فيحبّ من يختص بذلك.
وقال تعالى: وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ [النحل/ ٦]، ويقال: جَمِيلٌ وجَمَال على التكثير. قال الله تعالى: فَصَبْرٌ جَمِيلٌ [يوسف/ ٨٣]، فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلًا [المعارج/ ٥]، وقد جَامَلْتُ فلانا، وأَجْمَلْتُ في
(٢) الحديث صحيح، وقد أخرجه مسلم والترمذي عن ابن مسعود، والطبراني في الكبير عن أبي أمامة، والحاكم عن ابن عمر، وابن عساكر عن جابر وابن عمر. انظر: الفتح الكبير ١/ ٣٣١، ورواية البيهقي عن ابن مسعود عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان»، فقال رجل: يا رسول الله، الرجل يحبّ أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنا؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «إنّ الله جميل يحبّ الجمال، الكبر من بطر الحق وغمص الناس» وكذا رواه البيهقي بهذه الرواية (انظر: الأسماء والصفات ص ٦٠)، وصحيح مسلم كتاب الإيمان ١/ ٩٣ باب تحريم الكبر، والمستدرك ٤/ ١٨١ و ١/ ٢٦.