ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ [سبأ/ ٤٦] أي: جنون.
والجُنون: حائل بين النفس والعقل، وجُنَّ فلان قيل: أصابه الجن، وبني فعله كبناء الأدواء نحو: زكم ولقي «١» وحمّ، وقيل: أصيب جنانه، وقيل: حيل بين نفسه وعقله، فجن عقله بذلك وقوله تعالى: مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ [الدخان/ ١٤]، أي: ضامّة من يعلمه من الجن، وكذلك قوله تعالى: أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ [الصافات/ ٣٦]، وقيل:
٩٩-
جنّ التلاع والآفاق
«٢» أي: كثر عشبها حتى صارت كأنها مجنونة، وقوله تعالى: وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ
[الحجر/ ٢٧] فنوع من الجنّ، وقوله تعالى: كَأَنَّها جَانٌّ [النمل/ ١٠]، قيل:
ضرب من الحيّات.
جنب
أصل الجَنْب: الجارحة، وجمعه: جُنُوب، قال الله عزّ وجل: فَتُكْوى بِها جِباهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ [التوبة/ ٣٥]، وقال تعالى: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ [السجدة/ ١٦]، وقال عزّ وجلّ: قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ [آل عمران/ ١٩١].
ثم يستعار من الناحية التي تليها كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك، نحو: اليمين والشمال، كقول الشاعر:
١٠٠-
من عن يميني مرّة وأمامي
«٣» وقيل: جنب الحائط وجنبه، وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ
[النساء/ ٣٦]، أي: القريب، وقيل:
كناية عن المرأة «٤»، وقيل: عن الرفيق في السفر «٥».
قال تعالى: يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ
[الزمر/ ٥٦]، أي: في أمره وحدّه الذي حدّه لنا.
وسار جَنْبَيْهِ وجَنْبَتَيْهِ، وجَنَابَيْهِ وجَنَابَتَيْهِ، وجَنَبْتُهُ: أصبت جنبه، نحو: كبدته وفأدته.
وجُنِبَ: شكا جنبه، نحو: كبد وفئد، وبني من الجنب الفعل على وجهين:
أحدهما: الذهاب على ناحيته.
والثاني: الذهاب إليه.
(٢) البيت بتمامه:
فإذا جادت الدّجى وضعوا القدح | وجنّ التلاع والآفاق |
(٣) هذا عجز بيت، وشطره:
فلقد أراني للرماح دريئة
وهو لقطري بن الفجاءة، في مغني اللبيب ص ١٩٩، وشرح ابن عقيل ١/ ٢٤٣، وخزانة الأدب ١٠/ ١٦٣.
(٤) أخرجه ابن جرير ٥/ ٨١ عن عليّ وابن عباس.
(٥) أخرجه ابن جرير ٥/ ٨١ عن مجاهد.