عزّ وجلّ: فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ
[الروم/ ١٥]، أي: يفرحون حتى يظهر عليهم حبار نعيمهم.
حبس
الحَبْس: المنع من الانبعاث، قال عزّ وجلّ:
تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ [المائدة/ ١٠٦]، والحَبْس: مصنع الماء الذي يحبسه، والأحباس جمع، والتحبيس: جعل الشيء موقوفا على التأبيد، يقال: هذا حَبِيس في سبيل الله.
حبط
قال الله تعالى: حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ
[المائدة/ ٥٣]، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام/ ٨٨]، وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ [محمد/ ٣٢]، لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ [الزمر/ ٦٥]، وقال تعالى: فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ [الأحزاب/ ١٩]، وحَبْط العمل على أضرب:
أحدها: أن تكون الأعمال دنيوية فلا تغني في القيامة غناء، كما أشار إليه بقوله: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الفرقان/ ٢٣].
والثاني: أن تكون أعمالا أخروية، لكن لم يقصد بها صاحبها وجه الله تعالى، كما روي:
«أنه يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له: بم كان اشتغالك؟ قال: بقراءة القرآن، فيقال له: قد كنت تقرأ ليقال: هو قارئ، وقد قيل ذلك، فيؤمر به إلى النار» «١».
والثالث: أن تكون أعمالا صالحة، ولكن بإزائها سيئات توفي عليها، وذلك هو المشار إليه بخفّة الميزان.
وأصل الحبط من الحَبَطِ، وهو أن تكثر الدابة أكلا حتى ينتفخ بطنها، وقال عليه السلام: «إنّ ممّا ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلمّ» «٢». وسمّي الحارث الحَبَطَ «٣»، لأنه أصاب ذلك، ثم سمي أولاده حَبَطَات.

(١) الحديث ذكره المؤلف بمعناه، وهو عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: «إنّ أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت، قال: كذبت، ولكنّك قاتلت لأن يقال: فلان جريء، فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلّم العلم وعلّمه وقرأ القرآن، فأتي به فعرّفه نعمه فعرفها. قال: فما عملت فيها؟ قال: تعلّمت العلم وعلّمته، وقرأت فيك القرآن، قال: كذبت ولكنّك تعلّمت ليقال: عالم، وقرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار... » الحديث أخرجه مسلم والنسائي، والترمذي وحسّنه، وابن حبان في صحيحه. انظر: الترغيب والترهيب ١/ ٢٩، وعارضة الأحوذي ٩/ ٢٢٦، ومسند أحمد ٢/ ٣٢١، وسنن النسائي ٦/ ٢٣، ومسلم في الإمارة، باب من قاتل للرياء برقم (١٩٠٥)، وانظر: شرح السنة ١٤/ ٣٣٤.
(٢) الحديث في الصحيحين، راجع فتح الباري ١١/ ٢٤٤ باب ما يحذر من زهرة الدنيا، ومسلم رقم (١٠٥٢). ورواية البخاري: «إنّ هذا المال خضرة حلوة، وإنّ كلّ ما أنبت الربيع يقتل حبطا أو يلمّ إلا آكلة الخضرة».
(٣) قال في اللسان: والحبط: الحارث بن مازن بن مالك بن عمرو بن تميم، سمّي بذلك لأنه كان في سفر فأصابه مثل- الحبط الذي يصيب الماشية، فنسبوا إليه. ا. هـ.
أقول: وفي شعر الفرزدق:
بنو مسمع أكفاؤها آل دارم وتنكح في أكفائها الحبطات
ولا يدرك الغايات إلا جيادها ولا تستطيع الجلّة البكرات
فردّ عليه من الحبطات فقال:
أما كان عباد كفيا لدارم بلى وأبيات بها الحجرات
راجع: ديوان الفرزدق ص ٩٩، وعيار الشعر ص ١٥٢، ووضح البرهان ٢/ ١٢١.


الصفحة التالية
Icon