حرث
الحَرْث: إلقاء البذر في الأرض وتهيّؤها للزرع، ويسمّى المحروث حرثا، قال الله تعالى:
أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ [القلم/ ٢٢]، وتصوّر منه معنى العمارة التي تحصل عنه في قوله تعالى: مَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ، وَمَنْ كانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ [الشورى/ ٢٠]، وقد ذكرت في (مكارم الشريعة) كون الدنيا مَحْرَثا للناس، وكونهم حُرَّاثاً فيها وكيفية حرثهم «١».
وروي: «أصدق الأسماء الحارث» «٢» وذلك لتصوّر معنى الكسب منه، وروي: «احرث في دنياك لآخرتك» «٣»، وتصوّر معنى التهيّج من حرث الأرض، فقيل: حَرَثْت النّار، ولما تهيّج به النار محرث، ويقال: احرث القرآن، أي: أكثر تلاوته، وحَرَثَ ناقته: إذا استعملها، وقال معاوية «٤» للأنصار: ما فعلت نواضحكم؟ قالوا: حرثناها يوم بدر. وقال عزّ وجلّ: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [البقرة/ ٢٢٣]، وذلك على سبيل التشبيه، فبالنساء زرع ما فيه بقاء نوع الإنسان، كما أنّ بالأرض زرع ما به بقاء أشخاصهم، وقوله عزّ وجل: وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ [البقرة/ ٢٠٥]، يتناول الحرثين.
حرج
أصل الحَرَج والحراج مجتمع الشيئين، وتصوّر منه ضيق ما بينهما، فقيل للضيّق: حَرَج، وللإثم حَرَج، قال تعالى: ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً [النساء/ ٦٥]، وقال عزّ وجلّ:
وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج/ ٧٨]، وقد حرج صدره، قال تعالى:
يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً [الأنعام/ ١٢٥]،

(١) انظر باب تفاوت أحوال المتناولين لأعراض الدنيا وما بعده في كتابه (الذريعة إلى مكارم الشريعة) ص ٢١٠- ٢١١. [.....]
(٢) الحديث عن ابن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم قال: «أحبّ الأسماء إلى الله ما تعبّد له، وأصدق الأسماء همّام وحارث» أخرجه الشيرازي في الألقاب والطبراني. قال في فتح الباري: في إسناده ضعف. راجع الفتح الكبير ١/ ٤٦ وكشف الخفاء ١/ ٥١. وعن أبي وهب الجشمي قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «تسمّوا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وأصدقها حارث وهمام» أخرجه أبو داود، وانظر: معالم السنن ٤/ ١٢٦، والترغيب والترهيب ٣/ ٨٥.
(٣) ورد بمعناه عن النبي صلّى الله عليه وسلم فيما رواه أنس عنه قال: «أصلحوا دنياكم واعملوا لآخرتكم كأنكم تموتون غدا» أخرجه في الفردوس، وأخرجه ابن قتيبة من كلام عمرو بن العاص ولم يرفعه. انظر عيون الأخبار ٣/ ٢٤٤.
راجع: الفتح الكبير للسيوطي ١/ ١٩٠، وكشف الخفاء ١/ ٤١٢.
(٤) انظر غريب الحديث لأبي عبيد ٤/ ٢٩٥.


الصفحة التالية
Icon