تعالى: إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ [الأعراف/ ٥٠]، والمُحرَّم بالشرع: كتحريم بيع الطعام بالطعام متفاضلا، وقوله عزّ وجلّ: وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ [البقرة/ ٨٥]، فهذا كان محرّما عليهم بحكم شرعهم، ونحو قوله تعالى: قُلْ: لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ...
الآية [الأنعام/ ١٤٥]، وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ [الأنعام/ ١٤٦]، وسوط مُحَرَّم: لم يدبغ جلده، كأنه لم يحلّ بالدباغ الذي اقتضاه قول النبي صلّى الله عليه وسلم: «أيّما إهاب دبغ فقد طهر» «١».
وقيل: بل المحرّم الذي لم يليّن، والحَرَمُ: سمّي بذلك لتحريم الله تعالى فيه كثيرا مما ليس بمحرّم في غيره من المواضع «٢».
وكذلك الشهر الحرام، وقيل: رجل حَرَام وحلال، ومحلّ ومُحْرِم، قال الله تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ [التحريم/ ١]، أي: لم تحكم بتحريم ذلك؟ وكلّ تحريم ليس من قبل الله تعالى فليس بشيء، نحو: وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها [الأنعام/ ١٣٨]، وقوله تعالى: بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
[الواقعة/ ٦٧]، أي: ممنوعون من جهة الجدّ، وقوله: لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ
[الذاريات/ ١٩]، أي: الذي لم يوسّع عليه الرزق كما وسّع على غيره. ومن قال: أراد به الكلب «٣»، فلم يعن أنّ ذلك اسم الكلب كما ظنّه بعض من ردّ عليه، وإنما ذلك منه ضرب مثال بشيء، لأنّ الكلب كثيرا ما يحرمه الناس، أي: يمنعونه. والمَحْرَمَة والمَحْرُمَة والحُرْمَة، واستحرمت الماعز كناية عن إرادتها الفحل.
حرى
حَرَى الشيء يحري، أي: قصد حراه، أي:
جانبه، وتَحَرَّاه كذلك، قال تعالى: فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً [الجن/ ١٤]، وحَرَى الشيء يحري:
نقص «٤»، كأنه لزم الحرى ولم يمتد، قال الشاعر:
١١٠-
والمرء بعد تمامه يحري
«٥»

(١) الحديث أخرجه الدارقطني في سننه عن ابن عمر ١/ ٤٨ وقال: إسناده حسن. وأخرجه أحمد ١/ ٢١٩ والنسائي ٧/ ١٧٣ وابن ماجة برقم ٣٦٠٩.
(٢) راجع أحكام الحرم في الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٤٣٨، وتحفة الراكع الساجد ص ٧٦.
(٣) روي أنّ عمر بن عبد العزيز كان في طريق مكة، فجاء كلب فانتزع عمر رحمه الله كتف شاة فرمى بها إليه، وقال:
يقولون إنه المحروم. راجع: تفسير القرطبي ١٧/ ٣٩، وانظر غرائب التفسير ٢/ ١١٤٠.
(٤) انظر: الأفعال ١/ ٤٢١.
(٥) هذا عجز بيت، وشطره:
حتى كأني خاتل قنصا
[استدراك] وهو لسلمى بن عويّة الضبي في مجالس ثعلب ١/ ٢٤٦، وهو في الفائق ١/ ٢٧٥ بدون نسبة، وغريب الخطابي ٢/ ٥٠ دون نسبة من المحقق.


الصفحة التالية
Icon