وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ [المؤمنون/ ٥]، وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ [الأحزاب/ ٣٥]، كناية عن العفّة، حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ
[النساء/ ٣٤]، أي:
يحفظن عهد الأزواج عند غيبتهن بسبب أنّ الله تعالى يحفظهنّ، أي: يطّلع عليهنّ، وقرئ:
بِما حَفِظَ اللَّهُ «١» بالنصب، أي: بسبب رعايتهن حقّ الله تعالى لا لرياء وتصنّع منهن، وفَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً
[الشورى/ ٤٨]، أي: حافظا، كقوله: وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ [ق/ ٤٥]، وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ [الأنعام/ ١٠٧]، فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً [يوسف/ ٦٤]، وقرئ: حفظا «٢» أي: حفظه خير من حفظ غيره، وَعِنْدَنا كِتابٌ حَفِيظٌ [ق/ ٤]، أي: حافظ لأعمالهم فيكون حَفِيظٌ بمعنى حافظ، نحو قوله تعالى: اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ [الشورى/ ٦]، أو معناه: محفوظ لا يضيع، كقوله تعالى: عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى [طه/ ٥٢]، والحِفَاظ: المُحَافَظَة، وهي أن يحفظ كلّ واحد الآخر، وقوله عزّ وجل: وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ
[المؤمنون/ ٩]، فيه تنبيه أنهم يحفظون الصلاة بمراعاة أوقاتها ومراعاة أركانها، والقيام بها في غاية ما يكون من الطوق، وأنّ الصلاة تحفظهم الحفظ الذي نبّه عليه في قوله: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت/ ٤٥]، والتَحَفُّظ: قيل: هو قلّة الغفلة «٣»، وحقيقته إنما هو تكلّف الحفظ لضعف القوة الحافظة، ولمّا كانت تلك القوة من أسباب العقل توسّعوا في تفسيرها كما ترى. والحَفِيظَة:
الغضب الذي تحمل عليه المحافظة أي: ما يجب عليه أن يحفظه ويحميه. ثم استعمل في الغضب المجرّد، فقيل: أَحْفَظَنِي فلان، أي:
أغضبني.
حفى
الإحفاء في السؤال: التّترّع «٤» في الإلحاح في المطالبة، أو في البحث عن تعرّف الحال، وعلى الوجه الأول يقال: أَحْفَيْتُ السؤال، وأَحْفَيْتُ فلانا في السؤال، قال الله تعالى: إِنْ يَسْئَلْكُمُوها فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا [محمد/ ٣٧]، وأصل ذلك من: أَحْفَيْتُ الدابة: جعلتها حافيا، أي: منسحج «٥» الحافر، والبعير: جعلته منسحج
(٢) وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن عامر وأبي عمرو ويعقوب وشعبة عن عاصم. انظر: الإتحاف ص ٢٦٦.
(٣) انظر: المجمل ١/ ٢٤٤، والبصائر ٢/ ٤٨١.
(٤) التّترّع: التسرّع.
(٥) أي مقشّر الحافر، يقال: سحجت جلده فانسحج، أي: قشرته فانقشر.