فالمحكم: ما لا يعرض فيه شبهة من حيث اللفظ، ولا من حيث المعنى. والمتشابه على أضرب تذكر في بابه إن شاء الله «١». وفي الحديث: «إنّ الجنّة للمُحَكِّمِين» «٢» قيل: هم قوم خيّروا بين أن يقتلوا مسلمين وبين أن يرتدّوا فاختاروا القتل «٣». وقيل: عنى المتخصّصين بالحكمة.
حلَ
أصل الحَلّ: حلّ العقدة، ومنه قوله عزّ وجلّ: وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي
[طه/ ٢٧]، وحَللْتُ: نزلت، أصله من حلّ الأحمال عند النزول، ثم جرّد استعماله للنزول، فقيل:
حَلَّ حُلُولًا، وأَحَلَّهُ غيره، قال عزّ وجلّ: أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ [الرعد/ ٣١]، وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ [إبراهيم/ ٢٨]، ويقال: حَلَّ الدّين: وجب «٤» أداؤه، والحِلَّة:
القوم النازلون، وحيّ حِلَال مثله، والمَحَلَّة:
مكان النزول، وعن حلّ العقدة استعير قولهم:
حَلَّ الشيء حلالًا، قال الله تعالى: وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً [المائدة/ ٨٨]، وقال تعالى: هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ [النحل/ ١١٦]، ومن الحُلُول أَحَلَّت الشاة: نزل اللبن في ضرعها «٥»، وقال تعالى: حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ [البقرة/ ١٩٦]، وأَحَلَّ الله كذا، قال تعالى: أُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ [الحج/ ٣٠]، وقال تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ...
الآية [الأحزاب/ ٥٠]، فإِحْلَال الأزواج هو في الوقت، لكونهنّ تحته، وإحلال بنات العم وما بعدهنّ إحلال التزوج بهنّ «٦»، وبلغ الأجل محلّه، ورجل حَلالٌ ومُحِلُّ: إذا خرج من الإحرام، أو خرج من الحرم، قال عزّ وجلّ:
وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا [المائدة/ ٢]، وقال تعالى: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ
[البلد/ ٢]، أي: حلال، وقوله عزّ وجلّ: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ
[التحريم/ ٢]، أي: بيّن ما تَنْحَلُّ به عقدة أيمانكم من الكفّارة، وروي:
«لا يموت للرجل ثلاثة من الأولاد فتمسّه النّار إلا تحلّة القسم» «٧» أي: قدر ما يقول إن شاء الله تعالى، وعلى هذا قول الشاعر:
(٢) الحديث في النهاية ١/ ٤١٩، والفائق ١/ ٣٠٣.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٥/ ٢٦٥ عن مجاهد.
(٤) انظر: المجمل ١/ ٢١٧، والبصائر ٢/ ٤٩٣.
(٥) انظر: المجمل ١/ ٢١٨، والبصائر ٢/ ٤٩٣.
(٦) وهذا منقول في البصائر ١/ ٤٩٣.
(٧) الحديث أخرجه البخاري في الأيمان والنذور ١١/ ٤٧٢، ومسلم في البر والصلة (٢٦٣٢)، وانظر: شرح السنة ٥/ ٤٥١، وهو في الموطأ كتاب الجنائز، بشرح الزرقاني ٢/ ٧٥.