وقال السمين الحلبي: على أنّ الراغب قد وسع بحاله، وبسط مقاله بالنسبة إلى من تقدّمه، وحذا بهذا الحذو رسمه «١».
وجاء على الصفحة الأولى من مخطوطة المفردات في المكتبة المحمودية ما يلي:
هذا كتاب لو يباع بوزنه... ذهبا لكان البائع المغبونا
أوما من الخسران أني آخذ ذهبا... ومعط لؤلؤا مكنونا
بعد هذا نقول: إنّ كتاب المفردات يعتبر موسوعة علمية صغيرة، فقد حوى اللغة، والنحو، والصرف، والتفسير، والقراءات، والفقه، والمنطق، والحكمة، والأدب، والنوادر، وأصول الفقه، والتوحيد.
فأجدر به أن يحتلّ الصدارة بين الكتب المؤلفة في غريب القرآن ومعانيه.
ملاحظات على كتاب المفردات:
مهما خاض الإنسان في بحور العلم والمعرفة فلا يمكنه أن يحيط بكل العلوم، بل يبقى في حدود بشريته وإنسانيته، فالإنسان طبعه النسيان، ومنه اشتقّ اسمه، والمؤلف قد غاص في بحور العلم، حتى أخرج دررا منها كتابه «المفردات» ولكنه مع أهميته العلمية، وقيمته الأدبية لا يخلو من بعض الملاحظات التي سنذكرها:
١- فمنها أنه لم يميّز بين القراءات المتواترة والشاذة، بل يكتفي أن يقول: وقرئ كذا.
وبون كبير بين القراءات المتواترة من حيث نسبتها ودرجتها، وبين القراءة الشاذة، إذ لا تصح الصلاة مثلا بالقراءة الشاذة، ولا القراءة بها إلا على سبيل التعليم.
٢- ومنها قلّة بضاعته في علم الحديث الشريف، ويتجلّى ذلك في نسبته بعض الأقوال إلى الرسول، وليست هي من قوله، كقوله في مادة (جبر) : قوله صلّى الله عليه وسلم: «لا جبر ولا تفويض» وهذا من كلام المتكلمين لا من كلام الرسول، كما يذكر بعض الأحاديث الموضوعة، انظر مادة ورث.
وأحيانا يكون الحديث من كلام الرسول فلا ينسبه إليه، بل يقول: وقيل، ومن ذلك قوله في مادة (صرف) : ومنه قول العرب: لا يقبل منه صرف ولا عدل. وهذا من الحديث الصحيح كما بيّنته في محله.
وغير ذلك من الأمثلة التي تظهر عند قراءة الكتاب.