تعالى: لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا
[الإسراء/ ٦٢]، يجوز أن يكون من قولهم: حَنَكْتُ الدّابّة:
أصبت حنكها باللّجام والرّسن، فيكون نحو قولك: لألجمنّ فلانا ولأرسننّه «١»، ويجوز أن يكون من قولهم احتنك الجراد الأرض، أي:
استولى بحنكه عليها، فأكلها واستأصلها، فيكون معناه: لأستولينّ عليهم استيلاءه على ذلك، وفلان حَنَّكَه الدّهر واحتنكه، كقولهم: نجّذه، وقرع سنّه، وافترّه «٢»، ونحو ذلك من الاستعارات في التّجربة «٣».
حوب
الحُوبُ: الإثم، قال عزّ وجلّ: إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً [النساء/ ٢]، والحَوْبُ المصدر منه، وروي: (طلاق أمّ أيّوب حوب) «٤»، وتسميته بذلك لكونه مزجورا عنه، من قولهم: حَابَ حُوباً وحَوْباً وحِيَابَةً، والأصل فيه حوب لزجر الإبل، وفلان يَتَحَوَّبُ من كذا، أي: يتأثّم، وقولهم:
ألحق الله به الحَوْبَةَ «٥»، أي: المسكنة والحاجة.
وحقيقتها: هي الحاجة التي تحمل صاحبها على ارتكاب الإثم، وقيل: بات فلان بِحَيْبَةِ سوء «٦».
والحَوْبَاء قيل هي النّفس «٧»، وحقيقتها هي النّفس المرتكبة للحوب، وهي الموصوفة بقوله تعالى:
إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف/ ٥٣].
حوت
قال الله تعالى: نَسِيا حُوتَهُما
[الكهف/ ٦١]، وقال تعالى: فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ [الصافات/ ١٤٢]، وهو السّمك العظيم، إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً
[الأعراف/ ١٦٣]، وقيل: حاوتني فلان، أي: راوغني مراوغة الحوت.
حيد
قال عزّ وجلّ: ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ
[ق/ ١٩] أي: تعدل عنه وتنفر منه.
(٢) يقال للشيخ: قد علته كبرة وعرته فترة. انظر: اللسان: (فتر)، وأساس البلاغة ص ٣٣٣. [.....]
(٣) قال ابن الأعرابي: جرّذه الدهر، ودلكه ورعسه وحنّكه، وعركه ونجّذه بمعنى واحد. وقال قدامة بن جعفر: ويقال:
قد عجمته الخطوب، وجذّعته الحروب، ونجّذته الأمور، وهذّبته الدهور، ودرّبته العصور، وحنّكته التجارب، راجع: جواهر الألفاظ ص ٣٣٤، واللسان (حنك).
(٤) الحديث عن ابن عباس أنّ أبا أيوب طلّق امرأته، فقال له النّبي صلّى الله عليه وسلم: «إنّ طلاق أم أيوب كان حوبا». أخرجه الطبراني، وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني، وهو ضعيف، انظر: مجمع الزوائد: باب فضائل أم أيوب ٩/ ٢٦٥.
قال ابن سيرين: الحوب: الإثم.
(٥) انظر: المجمل ١/ ٢٥٥.
(٦) انظر: اللسان (حوب) ١/ ٣٣٩، والمجمل ١/ ٢٥٥.
(٧) انظر الغريب المصنف ورقة ٨ نسخة الظاهرية.