دخن
الدّخان كالعثان «١» : المستصحب للهيب، قال: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ [فصلت/ ١١]، أي: هي مثل الدّخان، إشارة إلى أنه لا تماسك لها، ودَخَنَتِ النار تَدْخُنُ: كثر دخانها «٢»، والدُّخْنَة منه، لكن تعورف فيما يتبخّر به من الطّيب. ودَخِنَ الطّبيخ: أفسده الدّخان «٣». وتصوّر من الدّخان اللّون، فقيل:
شاة دَخْنَاء، وذات دُخْنَةٍ، وليلة دَخْنَانَة، وتصوّر منه التّأذّي به، فقيل: هو دَخِنُ الخُلُقِ، وروي:
«هدنة على دَخَنٍ» «٤» أي: على فساد دخلة.
در
قال تعالى: وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً
[الأنعام/ ٦]، يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً [نوح/ ١١]، وأصله من الدَّرِّ والدِّرَّة، أي: اللّبن، ويستعار ذلك للمطر استعارة أسماء البعير وأوصافه، فقيل: لله دَرُّه، ودَرَّ دَرُّكَ. ومنه استعير قولهم للسّوق: دِرَّةٌ، أي: نفاق «٥»، وفي المثل: سبقت درّته غراره «٦»، نحو: سبق سيله مطره «٧». ومنه اشتقّ: استدرّت المعزى، أي:
طلبت الفحل، وذلك أنها إذا طلبت الفحل حملت، وإذا حملت ولدت، فإذا ولدت درّت، فكنّي عن طلبها الفحل بالاستدرار.
درج
الدّرجة نحو المنزلة، لكن يقال للمنزلة: درجة إذا اعتبرت بالصّعود دون الامتداد على البسيطة، كدرجة السّطح والسّلّم، ويعبّر بها عن المنزلة الرفيعة: قال تعالى: وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة/ ٢٢٨]، تنبيها لرفعة منزله الرجال عليهنّ في العقل والسّياسة، ونحو ذلك من المشار إليه بقوله: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ...
الآية [النساء/ ٣٤]، وقال: لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ [الأنفال/ ٤]، وقال: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ [آل عمران/ ١٦٣]، أي: هم ذوو درجات

(١) قال ابن منظور: العثان والعثن: الدخان، والجمع: عواثن على غير قياس، وكذلك جمع الدّخان دواخن، والدواخن والعواثن لا يعرف لهما نظير. اللسان (عثن).
(٢) انظر: الأفعال ٣/ ٢٩٠.
(٣) انظر: الأفعال ٣/ ٣٣٠.
(٤) الحديث عن حذيفة وفيه: قلت: يا رسول الله، أيكون بعد هذا الخير شرّ كما كان قبله شر؟ قال: نعم، قلت: فما العصمة يا رسول الله؟ قال: السيف، قلت: وهل بعد السيف بقيّة؟ قال: «نعم، تكون إمارة على أقذاء، وهدنة على دخن... » إلى آخر الحديث، أخرجه أبو داود برقم (٤٢٤٤) في كتاب الفتن، وأحمد في المسند ٥/ ٣٨٦، والحاكم ٤/ ٤٢٣ وصححه ووافقه الذهبي، وانظر: شرح السنة ١٥/ ٩- ١٠.
(٥) انظر: المجمل ٢/ ٣١٧.
(٦) الغرار: قلّة اللبن، والدّرة: كثرته، أي: سبق شرّه خيره. ومثله: سبق مطره سيله، يضرب لمن يسبق تهديده فعله.
انظر: مجمع الأمثال ١/ ٣٣٦، وأساس البلاغة ص ٣٢٢، والأمثال ص ٣٠٨.
(٧) انظر أمثال أبي عبيد ص ٣٠٥.


الصفحة التالية
Icon