انتقش» «١»، ثم يقول: قيل لحكيم: لم لا تغتم؟ قال: لأني لم أجد ما يغمّني «٢».
قال الراغب: واعلم أنّ الزهد ليس من ترك المكاسب في شيء، كما توهمه قوم أفرطوا حتى قربوا من مذهب المانوية والبراهمة والرهابنة، فإنّ ذلك يؤدي إلى خراب العالم، ومضادة الله فيما قدّر ودبّر، ثم قال: ولأنّ الزاهد في الدنيا راغب في الآخرة، فهو يبيعها بها، ثم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ [التوبة/ ١١١]، ومحال أن يبيع كيّس عينا بأثر إلا إذا عرفها عارف، وعرف فضل المبتاع على المبيع.
وقيل لبعض الزهاد: ما أزهدك وأصبرك! فقال: أمّا زهدي فرغبة فيما هو أعظم مما أنا فيه، وأما صبري فلجزعي من النار.
هذا آخر ما أوردناه في هذا الباب، والحمد لله رب العالمين.
وفاته:
كما اختلف في اسم الراغب، وعقيدته، ومذهبه الفقهي، وعصره، كذلك اختلف في تاريخ وفاته:
- فالسيوطي ذكر أنها في أوائل المائة الخامسة «٣».
- والذهبي- وقد ذكره في الطبقة الثانية والأربعين- قال: يسأل عنه في هذه إن شاء الله تعالى «٤».
وهذه الطبقة تبدأ وفياتها بسنة ٤٤٠ هـ وتنتهي في حدود سنة ٤٧٠ هـ.
- وحاجي خليفة قال: وفاته سنة ٥٠٢ هـ «٥»، وتبعه في ذلك بروكلمان.
- وصاحب هدية العارفين ذكر أنّ وفاته سنة ٥٠٠ هـ.
- وفي فهرس الخزانة التيمورية أنّ وفاته سنة ٥٠٣ هـ.
- والزّركلي في «الأعلام»، ذكر أنه سنة ٥٠٢ هـ، ومثله عمر رضا كحالة.
- ومحمد كرد علي أشار في حاشية ترجمة الراغب في كتاب «تاريخ الحكماء»
(٢) انظر: الذريعة ص ١٦٦.
(٣) انظر: بغية الوعاة ٢/ ٢٩٧.
(٤) انظر: سير أعلام النبلاء ١٨/ ١٢٠.
(٥) انظر: كشف الظنون ١/ ٣٦.