[الحجرات/ ٧]، فهو من الزّينة النّفسيّة، وقوله:
مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ [الأعراف/ ٣٢]، فقد حمل على الزّينة الخارجيّة، وذلك أنه قد روي: (أنّ قوما كانوا يطوفون بالبيت عراة فنهوا عن ذلك بهذه الآية) «١»، وقال بعضهم: بل الزّينة المذكورة في هذه الآية هي الكرم المذكور في قوله: إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ [الحجرات/ ١٣]، وعلى هذا قال الشاعر:
٢١٩-
وزِينَةُ العاقل حسن الأدب
«٢» وقوله: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ
[القصص/ ٧٩]، فهي الزّينة الدّنيويّة من المال والأثاث والجاه، يقال: زَانَهُ كذا، وزَيَّنَهُ: إذا أظهر حسنه، إمّا بالفعل، أو بالقول، وقد نسب الله تعالى التّزيين في مواضع إلى نفسه، وفي مواضع إلى الشيطان، وفي مواضع ذكره غير مسمّى فاعله، فممّا نسبه إلى نفسه قوله في الإيمان: وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ [الحجرات/ ٧]، وفي الكفر قوله: زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ [النمل/ ٤]، زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ [الأنعام/ ١٠٨]، وممّا نسبه إلى الشيطان قوله: وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ [الأنفال/ ٤٨]، وقوله تعالى:
لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ [الحجر/ ٣٩]، ولم يذكر المفعول لأنّ المعنى مفهوم. وممّا لم يسمّ فاعله قوله عزّ وجلّ: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ [آل عمران/ ١٤]، زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ [التوبة/ ٣٧]، وقال: زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا [البقرة/ ٢١٢]، وقوله:
زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ «٣»، تقديره: زيّنه شركاؤهم «٤»، وقوله: زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ [فصلت/ ١٢]، وقوله: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ [الصافات/ ٦]، وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ [الحجر/ ١٦]، فإشارة إلى الزّينة
اليوم يبدو بعضه أو كله | وما بدا منه فلا أحله |
(٢) هذا عجز بيت، وشطره:
لكلّ شيء حسن زِينَةٌ
وهو في البصائر ٣/ ١٥٧، ومعجم الأدباء ١/ ٧٢، وعمدة الحفاظ: زين.
(٣) سورة الأنعام آية ١٣٧، وهذه قراءة ابن عامر الشامي، برفع (قتل) ونصب (أولادهم) وخفض (شركائهم).
وقرأ الباقي (زيّن) بالبناء للمعلوم، و (قتل) بالنصب، و (أولادهم) بالخفض، و (شركاؤهم) بالرفع. انظر:
الإتحاف ص ٢١٧.
(٤) يريد أنّ «شركاؤهم» مرفوع على أنّه فاعل لفعل محذوف مبني للفاعل، هو زيّنه.