عليهم، ويدعى لهم. وقال تعالى: فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ
[النور/ ٦١]، أي:
ليسلّم بعضكم على بعض. والسَّلَامُ والسِّلْمُ والسَّلَمُ: الصّلح قال: وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً
«١» [النساء/ ٩٤]، وقيل: نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالإسلام ومطالبته بالصّلح «٢» وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً
[البقرة/ ٢٠٨]، وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ
[الأنفال/ ٦١]، وقرئ لِلسَّلْمِ
«٣» بالفتح، وقرئ: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ «٤»، وقال: يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ
[القلم/ ٤٣]، أي:
مُسْتَسْلِمُونَ، وقوله: ورجلا سالما لرجل «٥» وقرئ سلما و (سَلَماً)
«٦»، وهما مصدران، وليسا بوصفين كحسن ونكد. يقول: سَلِمَ سَلَماً وسِلْماً، وربح ربحا وربحا. وقيل: السِّلْمُ اسم بإزاء حرب، والْإِسْلَامُ: الدّخول في السّلم، وهو أن يسلم كلّ واحد منهما أن يناله من ألم صاحبه، ومصدر أسلمت الشيء إلى فلان: إذا أخرجته إليه، ومنه: السَّلَمُ في البيع. والْإِسْلَامُ في الشّرع على ضربين:
أحدهما: دون الإيمان، وهو الاعتراف باللسان، وبه يحقن الدّم، حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل، وإيّاه قصد بقوله: قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا
[الحجرات/ ١٤].
والثاني: فوق الإيمان، وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب، ووفاء بالفعل، واستسلام لله في جميع ما قضى وقدّر، كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام في قوله: إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ [البقرة/ ١٣١]، وقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ [آل عمران/ ١٩].
وقوله: تَوَفَّنِي مُسْلِماً
[يوسف/ ١٠١]، أي: اجعلني ممّن استسلم لرضاك، ويجوز أن يكون معناه: اجعلني سالما عن أسر الشّيطان حيث قال: لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [الحجر/ ٤٠]، وقوله: إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ [النمل/ ٨١]، أي: منقادون للحقّ مذعنون له.

(١) وهي قراءة نافع وابن عامر وحمزة وأبي جعفر وخلف. الإتحاف ١٩٣.
(٢) راجع: الدر المنثور ٢/ ٦٣٢- ٦٣٤.
(٣) وهي قراءة الجميع إلا شعبة. انظر: إرشاد المبتدي وتذكرة المنتهي ص ٣٤٨.
(٤) سورة النحل: آية ٨٧، وهي قراءة حفص.
(٥) سورة الزمر: آية ٢٩، وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ويعقوب.
(٦) وقرأ الباقون سَلَماً، أما قراءة (سلما) فهي شاذة، قرأ بها سعيد بن جبير. انظر: الإتحاف ٣٧٥، والبحر المحيط ٧/ ٤٢٤.


الصفحة التالية
Icon