تنبيه أنّ ما يطلبونه- وإن لم يكن في الوقت حاصلا- فهو ممّا يكون بعد لا محالة، ويقتضي معنى المماطلة والتأخير، واشتقّ منه التَّسْوِيفُ اعتبارا بقول الواعد: سوف أفعل كذا، والسَّوْفُ:
شمّ التّراب والبول، ومنه قيل للمفازة التي يَسُوفُ الدليل ترابها: مَسَافَةٌ، قال الشاعر:
٢٥٢-
إذا الدّليل اسْتَافَ أخلاق الطّرق
«١» والسُّوَافُ: مرض الإبل يشارف بها الهلاك، وذلك لأنها تشمّ الموت، أو يشمّها الموت، وإمّا لأنه ممّا سوف تموت منه.
ساق
سَوْقُ الإبل: جلبها وطردها، يقال: سُقْتُهُ فَانْسَاقَ، والسَّيِّقَةُ: ما يُسَاقُ من الدّوابّ. وسُقْتُ المهر إلى المرأة، وذلك أنّ مهورهم كانت الإبل، وقوله: إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ
[القيامة/ ٣٠]، نحو قوله: وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى [النجم/ ٤٢]، وقوله: سائِقٌ وَشَهِيدٌ
[ق/ ٢١]، أي: ملك يَسُوقُهُ، وآخر يشهد عليه وله، وقيل: هو كقوله: كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ
[الأنفال/ ٦]، وقوله: وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ
[القيامة/ ٢٩]، قيل:
عني التفاف الساقين عند خروج الروح. وقيل:
التفافهما عند ما يلفّان في الكفن، وقيل: هو أن يموت فلا تحملانه بعد أن كانتا تقلّانه، وقيل:
أراد التفاف البليّة بالبليّة نحو قوله تعالى: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ [القلم/ ٤٢]، من قولهم:
كشفت الحرب عن ساقها، وقال بعضهم في قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ [القلم/ ٤٢] :
إنه إشارة إلى شدّة «٢»، وهو أن يموت الولد في بطن الناقة فيدخل المذمّر يده في رحمها فيأخذ بساقه فيخرجه ميّتا، قال: فهذا هو الكشف عن الساق، فجعل لكلّ أمر فظيع. وقوله:
فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ
[الفتح/ ٢٩]، قيل:
هو جمع ساق نحو: لابة ولوب، وقارة وقور، وعلى هذا: فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ
[ص/ ٣٣]، ورجل أَسْوَقُ، وامرأة سَوْقَاءُ بيّنة السّوق، أي: عظيمة السّاق، والسُّوقُ: الموضع الذي يجلب إليه المتاع للبيع، قال: وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ
[الفرقان/ ٧]، والسَّوِيقُ سمّي لِانْسِوَاقِهِ في الحلق من غير مضغ.
(٢) عن ابن عباس أنّ نافع بن الأزرق سأله عن قوله: يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ
قال: عن شدّة الآخرة. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت قول الشاعر:
قد قامت الحرب بنا على ساق
انظر: الدر المنثور ٨/ ٢٥٤.