وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة/ ١٥٠]، ويقال: شَاطَرْتُهُ شِطَاراً، أي: ناصفته، وقيل:
شَطَرَ بصره، أي: نصّفه، وذلك إذا أخذ ينظر إليك وإلى آخر، وحلب فلان الدّهر أَشْطُرَهُ «١»، وأصله في الناقة أن يحلب خلفين، ويترك خلفين، وناقة شَطُورٌ: يبس خلفان من أخلافها، وشاة شَطُورٌ: أحد ضرعيها أكبر من الآخر، وشَطَرَ: إذا أخذ شَطْراً، أي: ناحية، وصار يعبّر بِالشَّاطِرِ عن البعيد، وجمعه: شُطُرٌ، نحو:
٢٦٧-
أشاقك بين الخليط الشّطر
«٢» والشَّاطِرُ أيضا لمن يتباعد عن الحقّ، وجمعه: شُطَّارٌ.
شطن
الشَّيْطَانُ النون فيه أصليّة «٣»، وهو من: شَطَنَ أي: تباعد، ومنه: بئر شَطُونٌ، وشَطَنَتِ الدّار، وغربة شَطُونٌ، وقيل: بل النون فيه زائدة، من:
شَاطَ يَشِيطُ: احترق غضبا، فَالشَّيْطَانُ مخلوق من النار كما دلّ عليه قوله تعالى: وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ [الرحمن/ ١٥]، ولكونه من ذلك اختصّ بفرط القوّة الغضبيّة والحميّة الذّميمة، وامتنع من السّجود لآدم، قال أبو عبيدة «٤» : الشّيطان اسم لكلّ عارم من الجنّ والإنس والحيوانات. قال تعالى: شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ [الأنعام/ ١١٢]، وقال:
وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ
[الأنعام/ ١٢١]، وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ
[البقرة/ ١٤]، أي: أصحابهم من الجنّ والإنس، وقوله: كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ [الصافات/ ٦٥]، قيل: هي حيّة خفيفة الجسم، وقيل: أراد به عارم الجنّ، فتشبّه به لقبح تصوّرها، وقوله: وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ
[البقرة/ ١٠٢]، فهم مردة الجنّ، ويصحّ أن يكونوا هم مردة الإنس أيضا، وقال الشاعر:
٢٦٨-
لو أنّ شيطان الذّئاب العسّل
«٥» جمع العاسل، وهو الذي يضطرب في

(١) يقال للشخص ذي التجربة الكثيرة الذي مرت عليه ضروب من خير وشر. وانظر: جواهر الألفاظ ص ٣٣٤، والبصائر ٣/ ٣١٩، وأساس البلاغة ص ٢٣٥، والمجمل ٢/ ٥٠٣.
(٢) شطر بيت لامرئ القيس، وعجزه:
وفيمن أقام من الحيّ هر
هكذا في اللسان: (شطر)، وفي ديوانه ص ٦٨ الرواية:
وفي من أقام من الحي هر أم الظاعنون بها في الشّطر
(٣) قال ابن منظور: والشيطان: فيعال من: شطن: إذا بعد، فيمن جعل النون أصلا، وقولهم: الشياطين دليل عن ذلك. اللسان (شطن).
(٤) انظر: مجاز القرآن ١/ ٣٢.
(٥) لم أجده.


الصفحة التالية
Icon