وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ
[الأنبياء/ ٤٩]، فإذا عدّي (بمن) فمعنى الخوف فيه أظهر، وإذا عدّي ب (في) فمعنى العناية فيه أظهر. قال تعالى:
إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ [الطور/ ٢٦]، مُشْفِقُونَ مِنْها [الشورى/ ١٨]، مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا [الشورى/ ٢٢]، أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا
[المجادلة/ ١٣].
شفا
شَفَا البئر وغيرها: حرفه، ويضرب به المثل في القرب من الهلاك. قال تعالى: عَلى شَفا جُرُفٍ [التوبة/ ١٠٩]، وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ [آل عمران/ ١٠٣]، وأَشْفَى فلان على الهلاك، أي: حصل على شفاه، ومنه استعير: ما بقي من كذا إلّا شَفاً «١»، أي: قليل كشفا البئر. وتثنية شفا شَفَوَانِ، وجمعه أَشْفَاءٌ، والشِّفَاءُ من المرض: موافاة شفا السّلامة، وصار اسما للبرء. قال في صفة العسل: فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ
[النحل/ ٦٩]، وقال في صفة القرآن:
هُدىً وَشِفاءٌ [فصلت/ ٤٤]، وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ [يونس/ ٥٧]، وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ
[التوبة/ ١٤].
شق
الشَّقُّ: الخرم الواقع في الشيء. يقال:
شَقَقْتُهُ بنصفين. قال تعالى: ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا
[عبس/ ٢٦]، يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً
[ق/ ٤٤]، وَانْشَقَّتِ السَّماءُ
[الحاقة/ ١٦]، إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ [الانشقاق/ ١]، وَانْشَقَّ الْقَمَرُ [القمر/ ١]، وقيل: انْشِقَاقُهُ في زمن النّبيّ عليه الصلاة والسلام، وقيل: هو انْشِقَاقٌ يعرض فيه حين تقرب القيامة «٢»، وقيل معناه: وضح الأمر «٣»، والشِّقَّةُ: القطعة الْمُنْشَقَّةُ كالنّصف، ومنه قيل:
طار فلان من الغضب شِقَاقًا، وطارت منهم شِقَّةٌ، كقولك: قطع غضبا «٤». والشِّقُّ: الْمَشَقَّةُ والانكسار الذي يلحق النّفس والبدن، وذلك كاستعارة الانكسار لها. قال عزّ وجلّ: لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ
[النحل/ ٧]، والشُّقَّةُ:
النّاحية التي تلحقك المشقّة في الوصول إليها، وقال: بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة/ ٤٢]، والشِّقَاقُ: المخالفة، وكونك في شِقٍّ غير شِقِ

(١) انظر: البصائر ٣/ ٣٣٠، وأساس البلاغة ص ٢٣٨، والمجمل ٢/ ٥٠٧.
(٢) وهذا قول الحسن البصري، انظر: تفسير الماوردي ٤/ ١٣٥.
(٣) وذلك لأنّ العرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح أمره، قال الشاعر:
أقيموا بني أمّي صدور مطيّكم فإني إلى قوم سواكم لأميل
فقد حمّت الحاجات، والليل مقمر وشدّت لطيّات مطايا وأرحل
انظر: تفسير الماوردي ٤/ ١٣٤.
(٤) انظر عمدة الحفاظ: شق.


الصفحة التالية
Icon